للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أخذته أو ظانا أو شاكا، فلا يحنث سواء كان الحلف بطلاق أو غيره؛ لأن المعنى إن كان ذهب فقد أخذتيه وقد ظهر أنه لم يؤخذ، أو أنها أخذته، وأما إن كان حين اليمين جازما بعدم الأخذ فيقع الطلاق سواء تبين أنه في موضعه أو أنها أخذته، ولا يقع اليمين بالله لأنه غموس لا كفارة فيه في هاتين الصورتين، وأما إن تبين أن غيرها أخذه أو لم يتبين شيء، فإن كان حين الحلف جازما بعدم الأخذ أو ظانا أو شاكا فإنه يقع الطلاق عليه، ولا كفارة في اليمين بالله لكونه غموسا، وأما إن كان حين اليمين في هذا الموضوع جازما بالأخذ أو ظانا ولم يتبين أن أحدا أخذه فلا حنث سواء كان الحلف بطلاق أو غيره، وسيأتي نظر هذا فيما إذا تناقض متحالفان على طائر حلف أحدهما أنه غراب، وحلف الآخر أنه حدأة ولم يتبين شيء فلا حنث عليهما دفعا للتحكم ويدين كل منهما، وإن تبين أن أحدا أخذه والموضوع أنه حلف جازما بالأخذ أو ظانا له حنث إن كان حلفه بغير الله، ولا حنث إن كان اليمين بالله لأنها لغو، هذا تحرير ما تلخص من حاشية الخرشي والدسوقي وضوء الشموع.

[[مسألة]]

قوله في الحديث: «من كان حالفا فليحلف بالله» فيه رمز إلى أن الأولى التوقي عن اليمين مهابة وتعظيما إلا لمقتض، فإنه إذا أكثر منها ربما خفت مهابتها عليه، فحلف كاذبا، وعليه يحمل ما في سماع القرويين أن عيسى عليه السلام قال لبني إسرائيل: كان موسى عليه السلام ينهاكم أن تحلفوا بالله؛ إلا وأنتم صادقون، وأنا أنهاكم أن تحلفوا بالله صادقين أو كاذبين، وقال ابن رشد: قول عيسى خلاف شريعتنا، فإنه صلى الله عليه وسلم صدر منه الحلف كثيرا، وكان كثيرا ما يقسم "والذي نفسي بيده" "والذي نفس محمد بيده" صلى الله عليه وسلم، وأمره الله به في آية: {قل إي وربي إنه لحق} {قل بلى وربي لتبعثن} وأما و {لا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم} الآية، فنهى عن الحلف على ترك البر نظير {ولا يأتل أولو الفضل منكم} الآية. اهـ من ضوء الشموع.

[[مسألة]]

إن قال: بصوم العام لأفعلن كذا، وجعل الصوم مقسما به، كما يقسم بأسماء الله فلا شيء عليه، وكذا إذا قال: صوم العام لا فعلت لا شيء فيه، وكان شيخنا عليه سحائب الرحمة يستعمل ذلك كثيرا يوهم السامع أنه حلف، وأما إن قال: إن كان كذا فعلي صوم العام، فظاهر أنه نذر، يلزم ومن هذا لو قال: بالطلاق أو بالعتاق لأفعلن كذا ولم يفعله، والحال أنه جعل قوله بالطلاق أو بالعتاق مقسما به كما يقسم بالله، ولم يقصد بذلك حل العصمة ولا تحرير الرقبة لا شيء فيه، كما سمعته من شيخنا وهو ظاهر وليس هذا كتعليق الإنشاء، كقوله: إن فعلت كذا فهي حرة، أو زوجتي طالق، فإن هذا يلزم قطعا. اهـ من ضوء الشموع بتوضيح.

[[مسألة]]

إن قال: ودين الإسلام، فإن أراد به الأحكام الإلهية انعقد وصار يمينا؛ لأنها ترجع لكلام الله وخطابه، وأما إن أراد تدين العباد وطاعتهم لم يلزم، وكذا لا يلزمه شيء إذا قال: وخاتم الصوم الذي على فم العباد، إلا أن يريد به

<<  <   >  >>