للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

طلق امرأته ثلاثا جملة بأنها واحدة، أو بأن لا يقع شيء لا ينفذ، (وفي الزيلعي وغيره في كتاب القضاء: أن القضاء بمثل ذلك لا ينفذ بتنفيذ قاض آخر، ولو رفع إلى ألف حاكم ونفذه؛ لأن القضاء وقع باطلا؛ لمخالفته الكتاب والسنة والإجماع فلا يعود صحيحا بالتنفيذ انتهى.

وقال المحقق الكمال ابن الهمام: وقول بعض الحنابلة بهذا المذهب باطل إلى أن قال: فما بعد الحق إلا الضلال، وقال الخطيب الشربيني من الشافعية، وحكى عن الحجاج بن أرطاه، وطائفة من الشيعة والظاهرية أنه لا يقع منها، أي: الثلاثة إلا واحدة، واختاره من المتأخرين من لا يعبأ به، واقتدى به من أضله الله تعالى انتهى.

نقله في الفتاوى الخيرية، وأفتى ببطلان القول به أيضا. وقال في البحر في أول كتاب الطلاق: ولا حاجة إلا الاشتغال بالأدلة على رد قول من أنكر وقوع الثلاث جملة؛ لأنه مخالف للإجماع كما حكاه في المعراج، ولذا قالوا: لو حكم حاكم بأن الثلاث بفم واحد واحدة لم ينفذ حكمه؛ لأنه لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ لأنه خلاف لا اختلاف.

وفي جامع الفصولين طلقها وهي حبلى أو حائض، أو طلقها قبل الدخول، أو أكثر من الواحدة، فحكم ببطلانه قاض، كما هو مذهب البعض لا ينفذ، وكذا لو حكم ببطلان طلاق من طلقها ثلاثا بكلمة واحدة، أو في طهر جامعها فيه لا ينفذ، انتهى إلى هنا كلام البحر.

(وقد صرح أيضا ببطلان الحكم في هذه المسائل في البحر في كتاب القضاء، وكذا في النهر والمنح والأشباه والنظائر والبزازية، وغيرها من كتب المذهب المعتبرة المتداولة المحررة، وأوضحها وأفصحها وأبينها وأصرحها عبارة الإمام الأجل، الذي أذعن لفضله أهل الوفاق والخلاف: القاضي أبو بكر الخصاف في كتابه " أدب القضا"، وشارحه الإمام حسام الدين عمر بن عبد العزيز، وذلك حيث قال في الباب الثاني والأربعين: قال -يعني الإمام الخصاف-: وكذلك رجل طلق امرأته ثلاثا، وهي حبلى، أو حائض، أو قبل أن يدخل بها، فقضى قاض بإبطال ذلك، أو أبطل بعضه، فرفع إلى قاض آخر لا يرى ذلك؛ فإنه يبطل قضاء القاضي بذلك، وينفذ على الزوج ما كان منه؛ لأن على قول أهل الزيغ إذا وقع الثلاث وهي حبلى، أو في حالة الحيض، أو في طهر جامعها فيه لا يقع أصلا.

وعلى قول الحسن البصري: إذا وقع الثلاث تقع واحدة، لكن كلا القولين باطل؛ لأنه مخالف لكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد}. الآية، من غير فصل، والمراد منه الطلقة الثالثة. فمن قال: بأنه لا يقع شيء، أو تقع واحدة فقد أثبت الحل للزوج الأول بدون الزوج الثاني، وهو مخالف للكتاب، فإذا قضى القاضي لا ينفذ، فإذا رفع إلى قاض آخر له كان أن يبطله انتهى.

وبهذه النقول الصريحة

<<  <   >  >>