للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: كان أصله من الجن، ولقوله عن إبليس: {خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ} (١)، وقد ثبت في الحديث أن الملائكة خلقت من نور، وقد قال -تعالى- في الجن: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ} (٢)، وقال -تعالى-: {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} (٣)، فلما أخبر أن إبليس كان من الجن، وأن الجن خلق من نار، وهو خلق من نار، دل على أنه ليس من الملائكة، وعلى هذا فلعل دخوله في الأمر من باب التبعية، أي أنه كان بينهم وإن لم يكن منهم، فدخل في عموم الأمر، فخانه أصله وعنصره.

وقد قال بعض المفسرين: إنه أصل الجن كما أن آدم أصل الإنس، لكن قد أخبر الله أن الجن فيهم صالحون ومسلمون، أما الشياطين فالأظهر أن جميعهم كفرة وأعداء للبشر، وقد أخبر الله -تعالى- أن إبليس له ذرية في قوله -تعالى-: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} (٤)، وظاهر الذرية أنه من صلبه، وإن كنا لا نعرف كيف تفرعوا عنه، أما الملائكة فقد مدحهم بأنهم لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون، وهذا يرجح أن إبليس ليس من الملائكة لبعد ما بين الصفتين. والله أعلم.


(١) سورة ص، الآية: ٧٦.
(٢) سورة الحجر، الآية: ٢٧.
(٣) سورة الرحمن، الآية: ١٥
(٤) سورة الكهف، الآية: ٥٠.

<<  <   >  >>