للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن

*الطابع الإسلامى والثقافة العربية فى غرب إفريقيا (السودان الغربى والأوسط):

يهمنا الآن أن نتحدث عن الطابع الإسلامى ومظاهر الحضارة فى

غربى إفريقيا، وعن المراكز التى نهضت بهذا العمل وحفظت للإسلام

نقاءه وقوته حتى بداية تعرض المنطقة للكشوف الجغرافية الأوربية

والاستعمار الأوربى فى العصر الحديث.

ونلاحظ أن الامتزاج الكامل بين التقاليد الإسلامية والتقاليد السودانية

الزنجية فى بداية هذا الدور قد تم، كما تمت المواءمة بين هذين

العنصرين، وظهرت تقاليد إسلامية الشكل والطابع، إفريقية الروح،

وروايات الرحالة والجغرافيين والمؤرخين العرب مثل: «ابن بطوطة»

و «الحسن الوزان» و «القلقشندى» وغيرهم، ومن مؤرخى «السودان»

مثل «السعدى» صاحب كتاب «تاريخ السودان»، و «محمود كعت»

صاحب كتاب «الفتاش» وغيرهما؛ تشعرنا بأننا نتعامل مع مجتمع

إفريقى صميم، اكتسب الثوب والصبغة الإسلامية الواضحة.

فالقلقشندى يتحدث عن تقاليد البلاط فى سلطنة «مالى»، فيشير

إلى جلوس السلطان على مصطبة كبيرة عليها دكة أو كرسى من

خشب الأبنوس، تحيط بها أسنان الفيلة من كل صوب، ويتحدث عن

رجل مهمته أن يكون سفيرًا بين السلطان والناس اسمه أو لقبه

الشاعر، وعن المحيطين بالسلطان وهيئة الداخلين عليه، وغير ذلك.

ورواية «ابن بطوطة» لا تبعد كثيرًا عن هذا الوصف، وهو يشير إلى

دار السلطان التى تطل على المشور (دار الشورى)، ويصف السلطان

وترتيب الجالسين فيشير إلى نائبه، ثم الفرارية، وهم الأمراء، ثم

الخطيب، والفقهاء.

ولم ينفرد سلاطين «مالى» بهذا اللون الفريد من الحياة، فقد شاركهم

فيه أهل «صنغى» وغيرهم من شعوب «السودان الغربى» والأوسط،

فى إمارات «الهوسا» السبع فى شمالى «نيجيريا» وفى بلاد

«الكانم والبرنو».

وكانت العلاقة بين السلاطين والرعية تقوم على الخضوع الشديد

لهؤلاء السلاطين، يدل على ذلك العادات التى كانت منتشرة فى بلاد

«السودان الغربى»، والأوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>