للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*المقتدر بالله]

هو أبو الفضل جعفر بن المعتضد، تولى الخلافة بعد أخيه

«المكتفى» بعهد منه فى (ذى القعدة سنة ٢٩٥هـ= أغسطس سنة

٩٠٨م)، وكان صبيا فى الثالثة عشرة من عمره، ولم يلِ الخلافة

قبله أصغر منه. أثار تولى «المقتدر» الخلافة اعتراض كثير من

رجال الدولة بسبب صغر سنه، وعدم قدرته على الاضطلاع

بشئون الخلافة مع وجود الأقدر منه على تحمل المسئولية، خاصة

«عبد الله بن المعتز» الشاعر المعروف بتمام العقل وجودة

الرأى، فاتفق رأى عدد منهم على خلع «المقتدر» وتولية

«عبدالله بن المعتز»، وكان عمره نحو تسعة وأربعين عامًا،

وعندما عرضوا الأمر على «ابن المعتز» وافق بشرط ألا يسفك دم

أو تنشب حرب، فأخبروه أن الأمر يُسلَّم إليه عفوًا، وأن جميع

من وراءهم من الجند والقواد والكُتَّاب قد رضوا به فبايعهم على

ذلك، وتمت البيعة لابن المعتز فى (١٩من ربيع الأول سنة ٢٩٦هـ=

نوفمبر سنة ٩٠٨م)، ولقب بالراضى بالله، ولكن أنصار «المقتدر»

- وعلى رأسهم «مؤنس الخادم» - لم يرضوا بهذه البيعة، وتوجهوا

نحو «ابن المعتز» وأنصاره وقبضوا عليهم وفتكوا بهم وأعادوا

تنصيب «المقتدر» فى اليوم التالى لبيعة «ابن المعتز»، الذى لم

يمكث فى الخلافة إلا يومًا أو بعض يوم، ولهذا يتجاهله

المؤرخون عند ذكرهم قائمة خلفاء «بنى العباس». وقد تدهورت

الأوضاع فى عهد «المقتدر»، وانتشرت الفتن وازداد تمزق

الدولة، وأصبحت الخلافة نهبًا للطامعين بسبب صغر سنه، وأفلت

زمام الأمور من يده، وتحكم النساء والخدم فى شئون البلاد،

فكانت «أم المقتدر» وتسمى «شغب» تولِّى من تشاء وتعزل من

تشاء، كما كان «مؤنس الخادم» صاحب مكانة متميزة وخطيرة

فى عهد «المقتدر». وقد ازداد خطر القرامطة اتساعًا وعنفًا فى

عهد «المقتدر»، ووصل مداه سنة (٣١٧هـ= ٩٢٩م)، حينما دخلوا

«مكة» بقيادة «أبى طاهر القرمطى» (٣) وقتلوا الحجاج فى

المسجد الحرام، واستولوا على الحجر الأسود وأخذوه إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>