للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*إدريس بن إدريس بن عبد الله]

بات مقعد الإمامة شاغرًا عقب اغتيال «إدريس»، والتف البربر

حول مولاه «راشد»، وانتظروا مولود «كنزة» جارية «إدريس بن

عبدالله»، فلما وضعت حملها أسموه «إدريس» تبركًا باسم

والده، وتعهده «راشد» بالتربية والرعاية، ونشَّأه تنشأة دينية،

حتى إذا بلغ الحادية عشرة من عمره أقبلت القبائل على مبايعته

بالإمامة، فدعا ذلك الخلافة العباسية إلى التحرك ثانية للقضاء

على هذه الدولة، وأوكلت هذه المهمة إلى والى «المغرب

الأدنى» «إبراهيم بن الأغلب» الذى نجح فى استمالة مجموعة من

البربر بأمواله وهداياه، ثم أوكل إليهم مهمة قتل «راشد»،

فقاموا بتنفيذها فى سنة (١٨٦هـ= ٨٠٢م)، لكن «الدولة

الإدريسية» واصلت مسيرتها، وانتقلت كفالة «إدريس» والوصاية

عليه إلى «أبى خالد بن يزيد بن إلياس العبدى»، وجُدِّدت له

البيعة فى سنة (١٨٨هـ= ٨٠٤م)، حين بلغ الثالثة عشرة من عمره،

وأصبح فى سن تؤهله لخلع الوصاية، وإدارة البلاد، وعزز

مركزه إقبال الوفود العربية من «القيروان» و «الأندلس» للعيش

فى كنف دولته فرارًا من بطش الحكام، فدعم بهم نفوذه، واتخذ

منهم الوزراء والكتاب والقضاة، وجعلهم بطانته وحاشيته، وقد

شجعه هؤلاء على بناء عاصمة جديدة لدولته، فبنى مدينة

«فاس»، ثم استقر بها. وفى سنة (١٩٧هـ= ٨١٣م) خرج «إدريس

الثانى» على رأس قواته لإخضاع «قبائل المصامدة» التى هددت

أمن بلاده، ونجح فى ذلك نجاحًا كبيرًا، وامتد نشاطه حتى

منطقة «السوس الأقصى»، ودخل مدينة «نفيس» ثم عاد إلى

عاصمته «فاس»، وخرج فى العام التالى صوب الشرق لتأمين

حدود دولته، ودخل مدينة «تلمسان»، وأقام بها ثلاث سنوات،

يرتب أمورها، ويرمم مسجدها، ثم عاد إلى «فاس» فى سنة

(٢٠١هـ)، وظل فى الحكم حتى وافته المنية فى سنة

(٢١٣هـ=٨٢٨م).

<<  <  ج: ص:  >  >>