للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*عكاظ (سوق)]

أشهر أسواق العرب الموسمية التى بلغت قمة ازدهارها فى

أواخر العصر الجاهلى، وعاشت فترة فى الإسلام. أقيمت قبل

(١٥) عامًا من عام الفيل (وهو العام الذى وُلد فيه النبى - صلى الله عليه وسلم -)،

وكانت تستقبل قاصديها مع مستهل شهر ذى القعدة من كل

عام، وكان انعقادها يستمر (٢٠) يومًا. وعكاظ موضع بين نخلة

والطائف، على طريق بين الطائف ومكة، وهى واحدة من (١٠)

أسواق كانت تعقد بالجزيرة العربية فى الأشهر الحرم؛ حيث

يمتنع القتال ويُردع من يتمرد على ذلك، عن طريق سكان المكان

الذين يتقاضون العشور من الصفقات التى تعقد فى السوق.

وبجانب التجارة، وبخاصة الجلود المدبوغة، تُعد عكاظ لقاءً

سنويًّا للخطباء والشعراء؛ إذ كانوا يتطارحون فيها أحدث

إنتاجهم الأدبى، لا سيما شعر الفخر، وكان ينصب فيها حكام من

فحول اللغة والشعر، مثل: النابغة الذبيانى، وعمرو بن كلثوم

وقس بن ساعدة الخطيب. كما كانت هذه السوق مكانًا للفصل فى

المنازعات، وعقد الاتفاقات، ومنبرًا لكل صاحب دعوة، حتى

قيل: إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تردد عليها؛ للدعوة إلى الإسلام. ومما كانت

تتميز به أنها سوق حرة؛ لا يلتزم التجار فيها بدفع مكوس أو

عشور لسادات القبائل، لا سيما من قريش وتميم، وكان لهذا أثره

فى ازدهار السوق؛ مما زاد من أهمية قريش ومكانتها، وساعد

على انتشار لهجتها وسيادتها، كما كان لهذه السوق أثرها فى

تهذيب اللغة. وفى أواخر الدولة الأموية سنة (١٢٨ هـ = ٧٤٤ م)

نهب بعض الخوارج هذه السوق؛ فهجرت بعد ذلك، وإن كانت

أهميتها اضمحلت، بانتقال عاصمة الدولة، وهجرة سادات قريش

من مكة إلى المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>