للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*السند (فتح)]

عزم «الحجاج» على فتح إقليم «السند»، بعد أن استقرت أحوال

الدولة الأموية، فأسند هذه المهمة إلى «محمد بن القاسم» وكان

دون العشرين من عمره، وجهَّزه بما يكفل له النجاح من عدة

وعتاد، وأمدَّه بستة آلاف جندى من أهل الشام، بالإضافة إلى ما

كان معه من الجنود، فأصبح تحت قيادته نحو عشرين ألفًا فى

تقدير بعض المؤرخين. اتخذ «محمد بن القاسم» من مقاطعة

«مهران» فى جنوبى «فارس» قاعدة للفتح ونقطة انطلاق،

فقسَّم جيشه نصفين، أحدهما برِّى والآخر بحرى، ثم تحرك

قاصدًا مدينة «الديبُل» - وهى تقع قريبًا من «كراتشى» الحالية

فى «باكستان» - وفتح فى طريقه إليها «فنزبول»،

و «أرمائيل»، ثم وافته السفن التى كانت تحمل الرجال والعتاد،

فحاصر «الديبل» واستولى عليها بعد قتال دام ثلاثة أيام، وترك

فيها حامية من أربعة آلاف رجل، وبنى لهم مسجدًا. وكان لفتح

المسلمين مدينة «الديبل» أثر كبير فى أهل «السند»، فسارعوا

يطلبون الصلح فصالحهم «محمد بن القاسم» ورفق بهم، ثم سار

إلى «البيرون» - «حيدر آباد السند» حاليا - فتلقاه أهلها

وصالحوه كذلك، وكان لا يمر بمدينة إلا فتحها صلحًا أو عَنوة،

وتوَّج ذلك كله بالانتصار على «داهر» ملك «السند»، ومضى

يستكمل فتحه، فاستولى على حصن «راوَدْ»، ثم «برهماناباذ»،

و «الرور» و «بهرور»، ثم اجتاز نهر «بياس» وعبر إلى إقليم

«الملتان»، فاستولى عليه بعد قتال شديد، وغنم كميات كبيرة

من الذهب. وبينما يواصل «محمد بن القاسم» فتوحاته؛ إذ جاءته

الأخبار بوفاة «الحجاج» سنده وعونه فى الفتح، فاغتم لذلك

غما شديدًا؛ لكنه واصل فتوحاته حتى أتم فتح بلاد «السند»،

وجاءته قبائل «الميد» و «الجات» و «الزط» تقرع الأجراس فرحة

هاتفة، مرحبة به، لأنهم عدُّوه محررهم من ظلم الهندوس

واستعبادهم. وفى هذه الأثناء مات الخليفة «الوليد بن عبدالملك»

سنة (٩٦هـ)، وتولَّى أخوه «سليمان بن عبدالملك» منصب

<<  <  ج: ص:  >  >>