للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبينهم سدًا من نار، لا يصلون إلينا ولا نصل إليهم، حسبنا من

الأرض السواد - أى أرض العراق- إنى آثرت سلامة المسلمين على

الأنفال». اعتقد «عمر بن الخطاب» أن الفرس سيجنحون إلى

السلام بعد هزيمتهم فى «القادسية»، واسترداد المسلمين

«العراق» وهى أرض عربية، لكن الحوادث كثيرًا ماتكون أقوى

من الرجال، وتدفعهم دفعًا إلى تعديل سياساتهم، فقد وردت

الأنباء إلى «عمر» أن الفرس التفوا حول ملكهم الذى هرب من

«المدائن»، واحتشدوا فى جموع هائلة فى «نهاوند» (٧) تصل

إلى نحو مائتى ألف جندى بقيادة «الفيرزان». وكانت سياسة

«عمر بن الخطاب» أن يقف بالفتوحات الإسلامية عند حدود

«العراق» و «الشام»، ولايتعداها، حيث قبائل العرب التى نزحت

من شبه الجزيرة العربية وأقامت هناك، أما ما وراء ذلك من

أرض الفرس والروم فلم يكن للمسلمين مطمع فى غزوه وفتحه،

ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فقد حملت حوادث

الفتوحات وتطوراتها «عمر بن الخطاب» على تعديل سياسته

تجاه الفرس والروم. ولما وصلت أخبار استعداد الفرس جمع

«عمر» كبار الصحابة واستشارهم فى كيفية مواجهة هذا

الموقف، فأشاروا عليه بتجهيز جيش لردع الفرس قبل أن ينقضوا

على المسلمين فى بلادهم، فعمل بمشورتهم، وجهز جيشًا قوامه

نحو أربعين ألف مجاهد تحت قيادة «النعمان بن مقرن». ودارت

معركة «نهاوند»، وانتهت بنصر عظيم للمسلمين، وهزيمة ساحقة

للفرس، وقد سمى المؤرخون المسلمون هذ النصر «فتح الفتوح»،

لأن الفرس قد تفرقت كلمتهم، وانفرط عقد دولتهم بهذا النصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>