للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*مصر (فتح)]

بعد فتح «بيت المقدس» اتجه «عمر» إلى الشمال، وعقد فى

«الجابية» جنوبى «دمشق» مؤتمرًا حضره جميع القادة

المسلمين، ناقش فيه ماتم إنجازه والترتيبات اللازمة لإدارة البلاد

المفتوحة إدارة حسنة، والعمل على إشاعة العدل والحرية بين

الناس بعد الظلم والاستبداد والاستعباد الذى ذاقوه من الروم.

وفى هذا المؤتمر عرض «عمرو بن العاص» والى «فلسطين»

على «عمر بن الخطاب» ضرورة فتح «مصر»، لأن فلول قوات

الروم فى «الشام» لجأت إلى «مصر» التى كانت فى ذلك الوقت

تحت حكم الروم، كما لجأ «الأطربون» قائد قواتهم فى فلسطين

إلى «مصر»؛ ليستعد من جديد للانقضاض على المسلمين فى

الشام، ولذا فإن بقاء «مصر» فى أيدى الروم سيكون خطرًا

على فتوحات المسلمين فى الشام، بل قد يصل الخطر إلى شبه

الجزيرة العربية نفسها. ولما اقتنع «عمر بن الخطاب» بما أبداه

«عمرو بن العاص» أذن له بالسير إلى «مصر» لفتحها، فخرج

فى أربعة آلاف جندى، ودخل «العريش» دون قتال، ثم توجه

إلى «الفرما» (مدينة قديمة شرقى «بور سعيد») ففتحها بعد

معارك يسيرة مع حاميتها الرومية، ثم توجه إلى «بلبيس» فى

محافظة «الشرقية» الحالية، فهزم جيشًا روميا كان يقوده

«الأطربون»، ثم هزم الروم مرة أخرى فى «عين شمس». ولما

تجمعت قوات الروم كلها فى «حصن بابليون» بالقرب من «مصر

القديمة» الحالية؛ طلب «عمرو» مددًا من الخليفة «عمر»، فأمده

بثمانية آلاف جندى، مكنته من فتح الحصن والاستيلاء عليه، ثم

اتجه إلى «الإسكندرية» ففتحها، وأرسل فرقة من قواته لفتح

«الفيوم». وفى نحو «عامين» (١٩ - ٢١هـ) فتُحت «مصر»

بأكملها، وكان فتحًا سهلا ويسيرًا، لأن القبط لم يشتركوا فى

معارك ضد المسلمين، بل ساعدوهم وقدموا لهم يد العون،

فدلوهم على أيسر الطرق، وأمدوهم بالطعام، تخلُصًا من حكم

الروم الذين اضطهدوهم دينيا، مع أنهم مسيحيون مثلهم،

وأرهقوهم بالضرائب، واستغلوهم أبشع استغلال. ولما تعامل

<<  <  ج: ص:  >  >>