للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*الزنج (ثورة)]

إحدى الثورات التى قامت فى عهد الدولة العباسية، فى إقليم

البطائح بين واسط والبصرة، بزعامة رجل عرف باسم صاحب

الزنج، وكان يسمى نفسه محمد بن على وادعى أنه من نسل

على بن أبى طالب، رضى الله عنه. كان الزنج عبارة عن

مجموعات كبيرة من السود الذين جلبوا من إفريقيا، خاصة

الصومال وزنجبار، واستخدمتهم الدولة؛ لتحويل إقليم البطائح

من غابات ومستنقعات وأرض سبخة إلى أرض صالحة للزراعة

دون أن تعطيهم مقابل، سوى مايأكلون من السويق والتمر

بأثمان بخسة. شعر هؤلاء الزنوج بالظلم فتحركت فى نفوسهم

الرغبة فى الثورة خاصة أن الدولة كانت تمر بمرحلة من الضعف

شجعتهم على الثورة، وكانوا ينقسمون إلى مجموعات يبلغ عدد

المجموعة مابين (٥٠٠ و ١٥٠٠) رجل. تجمعت هذه المجموعات

تحت إمرة صاحب الزنج ثم ساروا فى سنة (٢٤٩هـ) إلى البحرين

وانضم إليهم عبيدها، كما انضم إليهم عبيد البصرة وواسط وما

حولهما، فلما قويت شوكتهم انتشروا فى العراق وخوزستان

والبحرين ونهبوا القادسية والبصرة وغيرها من المدن واستولوا

على ألف وتسعمائة سفينة، كانت تحمل بعض الحجاج إلى مكة،

وألقوا الرعب فى قلوب الآهلين بهذه المناطق، وهزموا جيشين

أرسلتهما الخلافة فى عهد الخليفة المهتدى وهددوا بغداد

العاصمة نفسها، وملكوا كثيرًا من الأموال والنساء والأطفال.

وبعد ارتفاع شأن صاحب الزنج بنى لنفسه مدينتين يتحصن بهما

من جيوش الخلافة، وهما: المختارة والمنيعة. وكان يعتمد فى

حروبه على التخفى فى المستنقعات والغابات؛ مما صعب مهمة

أى جيش يرسل إليها، حتى قاد الموفق أخو الخليفة المعتضد

بنفسه الجيوش، وكانت أمور الخلافة بيده، وأدرك سر تفوق

الزنج فأعد الخطط، وجهز الجيوش، وتمكن من إلحاق عدة هزائم

بهم وتدمير مدينتهم المختارة، وبنى بجوارها مدينة جديدة

تسمى الموفقية؛ ليتحصن بها أثناء حروبه لهم، وتوالت

انتصاراته عليهم، وفر كثير منهم من حول صاحبهم، حتى هزم

<<  <  ج: ص:  >  >>