للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*الدولة الطولونية]

تنسب هذه الدولة إلى مؤسسها «طولون»، الذى ينحدر من

أسرة كان موطنها «بخارى» ببلاد «التركستان»، وفى سنة

(٢٠٠هـ) وصل «طولون» إلى «بغداد» إبان خلافة «المأمون»

(١٩٨ - ٢١٨هـ)، فأهدى بعض الرجال إلى الخليفة «المأمون»،

الذى رأى فيه اتزانًا فى الفكر وبسطة فى الجسم، فجعله

رئيسًا لحرسه الخاص، فعلا نجم طولون فى الدولة، ومهَّد لنفسه

ولأسرته طريق السيادة والسلطة فيها. وكان من عادة الخلفاء

أن يعينوا ولاة للأقاليم الخاضعة لسلطانهم، وكان هؤلاء الولاة

يعينون من ينوب عنهم فى حكم هذه الولايات؛ رغبة منهم فى

البقاء بالعاصمة؛ أملا فى الحصول على منصب أعلى وخوفًا من

المؤامرات. وكانت «مصر» - آنذاك - تحت ولاية القائد التركى

«باكباك» الذى أناب «أحمد بن طولون» عنه فى حكم «مصر»،

لما رآه من شجاعته وإقدامه، وأمده بجيش كبير دخل به «أحمد

بن طولون» «مصر» فى (٢٣ من رمضان سنة ٢٥٤هـ). فلما تُوفى

«باكباك» تولى مكانه القائد التركى «بارجوخ»، فعهد إلى

«أحمد بن طولون» بولاية «مصر» كلها، فلما آل الأمر إلى «ابن

طولون» فى حكم «مصر» واجهته المصاعب والعقبات، وأشعل

أصحاب المصالح فى «مصر» الثورات حتى لا يتمكن «ابن

طولون» من تنفيذ إصلاحاته التى عزم عليها، ولكن «ابن

طولون» تمكن من القضاء على كل العقبات والصعوبات واحدة

تلو الأخرى بكياسة وحزم، كما أخمد الثورات فى كل مكان. بعد

وفاة «أحمد بن طولون» خلفه ابنه «خمارويه»، فعمل على تذليل

العقبات التى واجهته كى تتوطد أركان دولته، وزوج ابنته

«أسماء» المعروفة بقطر الندى من الخليفة العباسى

«المعتضد»، وقام «خمارويه» بتجهيز ابنته، وغالى فى ذلك،

مما أدى إلى إفلاس مالية البلاد. وظل واليًا على «مصر» والشام

والجزيرة حتى وفاته سنة (٢٨٢هـ). وبعد وفاة «خمارويه» سنة

(٢٨٢هـ)، بدأت الدولة الطولونية فى الانحلال، فتولَّى زمامها

طائفة من أفراد البيت الطولونى، وكانت تنقصهم الحنكة

<<  <  ج: ص:  >  >>