للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[*الأموية (خلافة)]

قامت الخلافة الأموية رسميا فى شهر ربيع الأول من سنة

(٤١هـ)، بعد أن تنازل «الحسن بن على بن أبى طالب» - رضى

الله عنه - عن الخلافة لمعاوية بن أبى سفيان -رضى الله عنه -

وبايعه هو وأخوه «الحسين»، وتبعهما الناس فى «الكوفة»،

وأصبح بذلك «معاوية» خليفة للمسلمين وحده، ولُقِّب بأمير

المؤمنين، وكان قبل ذلك يلقَّب بالأمير فقط. وقد نجح معاوية بن

أبى سفيان وخلفاؤه من بنى أمية فى تشييد دولة عظيمة، ومد

حدود العالم الإسلامى ليصل إلى أبعد مدى، وبسط نفوذه على

أكبر رقعة من الأرض، امتدت من الصين شرقًا إلى الأندلس غربًا،

ومن بحر قزوين شمالا إلى المحيط الهندى جنوبًا. وبذل الأمويون

جهودًا كبيرة فى مواصلة الفتح والجهاد، وحماية الثغور

والحدود، ونشر الإسلام، وتوطيد أركان الدولة، والقيام

بالإصلاحات الإدارية والمالية، وتعريب العملة والدواوين، وتنظيم

البريد وجعله جهازًا رقابيا على العمال والولاة، وإنشاء المدن،

والعناية بالبناء والتشييد، وتسهيل حركة التجارة، والاهتمام

بالزراعة والصناعة وما يتصل بهما من شئون، وتنشيط حركة

الثقافة والعلم، وتشجيع العلماء. ويزداد المرء إعجابًا بالأمويين

وتقديرًا لإنجازاتهم، إذا علم أنهم قاموا بكل تلك الأعمال الجليلة،

فى وقت كانوا يصارعون فيه أعداء أشداء، ناصبوهم العداء،

وحقدوا عليهم أشد الحقد، ولم يتركوا فرصة للثورة عليهم إلا

انتهزوها، وجعلوا الدولة تعيش معظم أيامها فى قلق وصراع

داخلى؛ لمواجهة تلك التيارات السياسية المناوئة من خوارج

وشيعة. وعلى الرغم من ذلك فقد تعرضت الدولة الأموية لحملات

ظالمة، حاولت إلصاق كل تهمة بها، وسلب كل مزية لها، واتهم

خلفاؤها بالاستبداد وسفك الدماء، غير أن الإنصاف يقتضى أنه

كما كانت لهم مزايا عظيمة وأعمال جليلة فقد كانت لهم أخطاء

كثيرة، لكنها ليست على النحو الذى يصوره هؤلاء الناقمون

عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>