للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل العاشر

*دولة المرابطين

تمهيد:

شهد «المغرب الأقصى» خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين

فترة مزدهرة؛ عُدَّت من أخصب فترات حياته؛ حيث قامت على أرضه

أكبر دولتين عرفتهما المنطقة فى هذا الوقت، هما: «دولة

المرابطين»، و «دولة الموحدين»، اللتان أبرزتا شخصية «المغرب

الأقصى» باعتبارها دولاً مستقلة؛ قامت على أكتاف أبنائها،

وبسطت نفوذها على مناطق شاسعة بالشمال الإفريقى، فضلا عن

«الأندلس»، وشاركت مع غيرها فى إرساء قواعد الحضارة الإسلامية

فى غربى العالم الإسلامى، بنظمها، وحضارتها واقتصادها المزدهر،

ومبانيها، فضلا عن ثقافتها، وعلمائها ومفكريها.

- الأوضاع السياسية فى بلاد المغرب الأقصى قبل قيام دولة

المرابطين:

أصيبت «دولة الأدارسة» التى أسسها «إدريس بن عبدالله» بالمغرب

الأقصى فى سنة (١٧٢هـ = ٧٨٨م) بالضعف والاضمحلال بعد دخول

جيوش «أبى عبدالله الشيعى» بقيادة «مصالة بن حيُّوس المكناسى»

إلى هذه المنطقة فى سنة (٣٠٥هـ= ٩١٧م)، ومن ثَم مرت المنطقة بفترة

حالكة فى تاريخها، وباتت تدعو على منابرها للفاطميين تارة،

ولحكام «الأندلس» تارة أخرى، وخيَّمت عليها المنازعات القبلية

والحروب الطاحنة وتوزعت المنطقة بين القبائل المختلفة والأسر

المتناحرة، وانقسمت الخريطة السياسية للمغرب الأقصى إلى أربعة

تجمعات، هى:

١ - منطقة «فاس» وما حولها، وهى خاضعة لأمراء «مغرادة».

٢ - منطقة «سلاوتادلا»، وكانت خاضعة لبنى يغرن.

٣ - منطقة «سجلماسة» و «درعة»، وكانت خاضعة لبنى خزردن.

٤ - إمارة «برغواطة» فى سهول «تامسنا».

أما «فاس»؛ فكانت خاضعة لأمراء «مغرادة»، وقد دخلها «زيرى بن

عطية» أول هؤلاء الأمراء فى سنة (٣٧٧هـ= ٩٨٧م)، واستوطن بها، ثم

جعلها قاعدة إمارته، ودخل فى عدة حروب مع «بنى يغرن»، ومع

جيوش «الدولة الأموية» التى كان خاضعًا لها، وقد انتهت هذه

الحروب بوفاة «زيرى» متأثرًا بجراحه فى سنة (٣٩١هـ= ١٠٠١م)،

<<  <  ج: ص:  >  >>