للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السابع

*الأندلس فى ظل المرابطين

[٤٨٤ - ٥٣٩ هـ = ١٠٩١ - ١١٤٤ م].

وصلت دولة المرابطين فى المغرب إلى أقصى قوتها وبلغت أكبر

اتساع لها على يد مؤسسها الحقيقى «يوسف بن تاشفين»، وكان

أصحابها من البواسل الشجعان ذوى الطباع السليمة والعزائم القوية

التى لم يفسدها الضعف والهوان، فهم ممن يؤمل نجدتهم ويرجى

غوثهم.

وكانت حال الأندلس فى العدوة الأخرى تعانى سيطرة ملوك النصارى

وسطوتهم واستغاثة ملوك المسلمين بهم وإرهاق هؤلاء لهم بالجزية

وبما يفرضون عليهم، وتعسفهم فى مطالبة الولاة المسلمين بما

لاطاقة لهم به، وتكليفهم فوق طاقتهم، وعاد هؤلاء الملوك على

شعوبهم فأثقلوا كواهلهم وبالغوا فى تحميلهم ما لا قدرة لهم عليه،

واحتقر «ألفونسو» وغيره زعماء وقادة المسلمين حتى جثوا جميعًا

أمامه يستعطفونه ويرجونه قبول أحوالهم وهداياهم وهو يشتط

ويبالغ ويقول:

» أنا لا أرى فيكم إلا أنكم جماعة لصوص، فاللص الأول قد سرق

وجاء الثانى فسرق من الأول ما سرق، وجاء الثالث فسلب من الثانى

ما سرقه من الأول «.

وهم من ناحيتهم يبادرون بتهنئته وحمل الطرف والهدايا إليه

ويصرحون له بأنهم داخل حدود سلطانه ليسوا إلا جباة أموال لتحصيل

الضرائب ودفع الجزية.

وقد أخذ «ألفونسو السادس» يجتاح ويخرب مدنهم ومروجهم ويفتح

معاقلهم ويحطم حصونهم، ويضرب عليهم جميعًا ما يشاء من أموال

ويضاعفها فيؤدونها - بلا استثناء - وهم صاغرون، ثم أخذت المدن

تتساقط فى أيدى النصارى مدينة إثر مدينة.

إزاء هذا الوضع المتردى فكر الأندلسيون فى مخرج، ووجد رجال

الدين أن خير وسيلة هى دعوة المرابطين للعبور إلى بلادهم

وتخليصهم من الوضع المرير الذى بلغ القمة ولم يعد يحتمل المزيد، أما

الملوك والأمراء فقد ترددوا أول الأمر ورأوا فى ابن تاشفين مناوئًا

خطيرًا أكثر منه عونًا ونصيرًا، وربما جاء إلى بلدهم فاستقر فيها

وطردهم منها، لكن «ابن عباد» صاحب «إشبيلية» قطع الشك باليقين

<<  <  ج: ص:  >  >>