للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

*العرب تحت الحكم العثمانى

حكم العثمانيون العرب نحو أربعة قرون، وذلك من أوائل القرن

السادس عشر إلى أوائل القرن العشرين، وقد تقلبت أحوال العرب

فى هذه القرون وتطورت علاقاتهم بالعثمانيين؛ تبعًا لتطور الحكم

العثمانى نفسه، واتجاه الأطماع الأوربية إلى بلادهم.

فعندما فتح العثمانيون العالم العربى كان قد حل به قدر كبير من

الإعياء؛ نتيجة حروبه المتصلة مع المغول والصليبيين والبرتغال

والإسبان، واضمحلال موارده الاقتصادية؛ ونتيجة لذلك نزل عن مكان

الصدارة؛ وضعفت قوته.

وقد اعتمد العثمانيون فى فتح العالم العربى على عامل الدين؛ إذ

رأى العرب أن الوازع الدينى يدفعهم إلى الولاء للخليفة العثمانى،

أما الخروج عن واجب الولاء فإضعاف للدين والدولة؛ مما يفتح الباب

للدول الأوربية الطامعة فى بلاد العرب والمسلمين.

وقد بلغت الدولة العثمانية أقصى اتساعها وقوتها؛ عندما استولت

على معظم أجزاء العالم العربى، واستلزم ذلك تقسيم الدولة إلى

ولايات كثيرة العدد، وتقسيم كل ولاية إلى عدد من الألوية، وضم كل

لواء عددًا من المقاطعات، وعين السلطان فى كل ولاية نائبًا له يُلقب

«باشا».

وكان هؤلاء الولاة لا يعينون إلا لمدة عام، فإذا انتهى العام إما أن

ينقلوا إلى مناصب أخرى، أو يجدد لهم عامًا آخر، وقد أوجد هذا

التعيين فى نفوس هؤلاء الولاة شيئًا من القلق؛ فلم يكونوا على ثقة

ببقائهم فى مناصبهم، ولذلك لم يهتموا بوضع الخطط لإصلاح الولايات

التى يحكمونها.

وكان لكل نائب (باشا) ديوان يشير عليه فى الأمور المهمة ويتألف من

كبار الضباط والأعيان والعلماء.

وجرى العثمانيون على ترك شئون الحكم الداخلى فى الولايات

لأصحاب العصبيات الإقليمية أو العنصرية أو الدينية، كأمراء المماليك

فى «مصر»، وزعماء العشائر البدوية فى «العراق»، والأمراء

المعنيين والشهابيين فى «لبنان».

محاولات العرب للانفصال عن الدولة العثمانية:

<<  <  ج: ص:  >  >>