للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زحفها المدمر سوى الجيش المصرى فى معركة «عين جالوت» سنة

(٦٥٨هـ).

وهذه الغزوات المغولية البربرية كان يمكن أن ينساها التاريخ أو

يذكرها باعتبارها عملا بربريا ألم بالإنسانية فى مسيرتها الطويلة،

لولا أن الله - تعالى - أدرك برحمته الواسعة هذه الجموع الوحشية

وهداها إلى دينه، فأسلم أغلب المغول، وأظلهم الإسلام بحضارته،

وحولهم من قوة مدمرة إلى طاقة خيرة، ومن أعداء مهاجمين إلى

أتباع مدافعين، بل مشاركين فى صنع الحضارة الإسلامية.

والخلاصة أن كل أرض وصلت إليها الفتوحات الإسلامية انتشر فيها

الإسلام بحرية تامة، ودون إكراه، وانتشرت اللغة العربية والثقافة

الإسلامية، ولم يتراجع الإسلام عن أية منطقة من العالم وصل إليها

سوى «الأندلس» وكان تراجعه لأسباب تعود إلى المسلمين لا إلى

الإسلام وعندما تراجع فى «الأندلس» امتد فى مناطق أخرى فى

«جنوب شرق آسيا» وفى «أوربا» و «إفريقيا» بدون حرب أو

معارك، بل عن طريق الدعاة والتجار المسلمين، مما يدحض كلام من

يقول إن الإسلام انتشر بحد السيف. كما يردد أعداء الإسلام فى

كتاباتهم.

عمر وإدارة الدولة:

تجلت عبقرية «عمر بن الخطاب» أعظم ما تجلت فى ميادين الإدارة،

فقد ضبط نظم الدولة الإسلامية، وكانت مترامية الأطراف، وأحكم

إدارتها بمقدرة فائقة تثير الدهشة والإعجاب، فى وقت كانت فيه

وسائل الاتصال بطيئة تمامًا.

ويصعب على أى باحث أن يحيط بالجوانب الإدارية عند «عمر بن

الخطاب»، ولذا سنتعرض لبعض منها:

أولا: عمر واختيار الولاة:

استعان «عمر بن الخطاب» برجال يديرون شئون الولايات البعيدة

عنه، أما القريبة منه فكان يديرها بنفسه، وكان يقول: «ما يحضرنى

من أموركم لا ينظر فيه أحد غيرى، أما ما بعد عنى فسوف أجتهد

فى توليته أهل الدين والصلاح والتقوى، ثم لا أكتفى بذلك، بل لابد

من متابعتهم؛ لأعرف هل يقومون بالعدل بين الناس أم لا؟».

وكان لعمر بن الخطاب طريقة فى اختيار ولاته، فلم يكن يستعمل

<<  <  ج: ص:  >  >>