للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ضابط المحبة الصادقة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والذين توسعوا من الشيوخ في سماع القصائد المتضمنة للحب والشوق واللوم والعذل والغرام، كان هذا أصل مقصدهم، فإن هذا الجنس يحرك ما في القلب من الحب كائناً ما كان، ولهذا أنزل الله محبة يمتحن بها المحب فقال: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١]].

وهذا هو الضابط: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:٣١]، فليس هناك أحد يحب الله عز وجل أكثر من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان خليل الله، وهو حبيب الله، ومع هذا ما جمع الصحابة في حضرة واحدة، وقاموا يغنون ويرقصون حتى يغمى عليهم ويتكلمون بهذا الكلام وهذه الخرافات، وقد ذكر الشعراني في آخر طبقاته: إبراهيم العريان فقال: كان سيدي إبراهيم العريان يقف أمام الناس في المسجد ويخطب بهم وهو عريان، ليس عليه شيء، ويقول الناس: أنهم رأوه في أكثر من مكان في وقت واحد، وكان يستعيذ بالله من النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي على إبليس، ويخرج إلى الناس بعد أن يكون عرياناً بالسيف فيطردهم ويخرج الناس من المساجد، وهذه من كراماته رحمه الله، وأقول: إذا كانت هذه كراماته فما هي مشاكله؟ قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فلا يكون محباً لله إلا من يتبع رسوله، وطاعة الرسول ومتابعته لا تكون إلا بتحقيق العبودية، وكثير ممن يدعي المحبة يخرج عن شريعته وسننه صلى الله عليه وسلم، ويدعي من الحالات ما لا يتسع هذا الموضع لذكره، حتى قد يظن أحدهم سقوط الأمر وتحليل الحرام له، وغير ذلك مما فيه مخالفة شريعة الرسول وسنته وطاعته].

بل بعضهم صار مثل النصارى إذا تزوج امرأة بكراًفلا يفض بكارتها إلا ولي من أولياء هؤلاء، فهم قد بلغوا أموراً خطيرة جداً، بل بلغوا إلى عبادة غير الله حقيقة، فالمشاهد ما انتشرت في بلاد المسلمين إلا عن طريق الصوفية، فتراهم يحيون المشاهد والقبور والمزارات، ويبنون على القبر حتى تظن أنه مسجد ويقولون عن القبر: هنا روضة ومطاف حول القبر، فحولوا القبور إلى مساجد وأماكن للعبادة، مع أن القبور ليست مكاناً للعبادة، بل هي مكان للدفن، ولهذا لم يكن في يوم من الأيام أحد يستطيع أن ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حول البقيع إلى مساجد وأماكن ودوراً للعبادة، فهؤلاء العابثون غيروا كثيراً من مواصفات المنهج الإسلامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>