للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[انحراف الصوفية في الذكر]

الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد: فسنكمل إن شاء الله بقية هذا الكتاب العظيم لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن زعم أن هذا ذكر العامة, وأن ذكر الخاصة هو الاسم المفرد, وذكر خاصة الخاصة هو الاسم المضمر, فهم ضالون غالطون].

يعني: أن أهل التصوف لهم بدع عظيمة في باب ذكر الله تعالى, فهم يوردون كلمة (العامة) في مورد الانتقاص والاحتقار, يقولون: إن ذكر العامة هي الأذكار الواردة في كتب السنة المعروفة, فيدخل في هذا مثلاً الأذكار الواردة في كتاب (الأذكار) للنووي و (الوابل الصيب في الكلم الطيب) لـ ابن القيم، والأذكار الواردة في الأحاديث النبوية, يعتبرون ذلك كله من أذكار العامة، ويرون أنه لا ميزة للإنسان عندما يذكر الله عز وجل بهذه الأذكار, ثم يقولون: إن الذكر الذي هو ذكر الخاصة هو ذكر الله عز وجل بالاسم المفرد, المقصود بهذا أن يذكروا الله تعالى بترديد اسم من أسمائه مثل: الله الله الله الله وهكذا، أو لطيف لطيف لطيف لطيف, أو سميع سميع, أو عليم عليم عليم عليم, وتكرير ذلك آلاف المرات, علماً أن هذا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو بدعة ابتدعوها هم من تلقاء أنفسهم, استحسنوها وظنوا أنها حسنة وأنها مفيدة ومؤثرة.

وقالوا: إن ذكر خاصة الخاصة الذين هم أخص من الخاصة, والذين هم علية القوم عندهم هو ذكر الله عز وجل بالاسم المضمر، وهو قولهم: هو هو هو بالأسماء المضمرة, فيرددون هذه الكلمة التي هي: هو هو هو, ويقولون: إن الذكر أفضل من الأذكار الواردة في كتب السنة, مثل: أذكار الصباح وأذكار المساء, وقول الإنسان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم, وقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

مائة مرة, وهكذا.

أولاً: إن كل هذا لا شك أنه مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم, فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأصحابه أن يذكروا الله تعالى بالاسم المفرد: الله الله الله, أو بالاسم المضمر: هو هو هو.

فهذه من البدع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).

ويقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

ويقول: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين, عضوا عليها بالنواجذ, وإياكم ومحدثات الأمور, فإن كل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار).

فهذه من البدع المحدثة.

ثانياً: أنه لا قيمة لذكر لا معنى له, فعندما يقال: الله الله الله الله الله, أو هو هو هو, ما هو المعنى؟ ليس هناك معنى محدد من هذه العبارات.

فكلمة الله الله الله هي اسم مفرد مبتدأ لا خبر له, فإن كان المقصود التعريف, يعني هو الله فهذا ليس من الذكر, بل هو من التعريف بالمعرف, وتعريف المعرف لا فائدة منه؛ ولهذا ليس هناك ما يزكي النفوس بالأذكار التي يأتون بها, مثل: الاسم المفرد أو الاسم المضمر، هذا فضلاً عن الأوراد البدعية التي يأتون بها مثل: أوراد الشاذلي , أو مجربات الدسوقي , أو غيرها من المجربات والأوراد التي يأتون بها ويبتدعون فيها, ويستغيثون فيها بغير الله عز وجل, وقد يأتون فيها بكلمات لا معنى لها ولا قيمة لها.

هذا فضلاً عن الرقى التي هي من جنس الأدعية التي يبتدعون فيها الغرائب، مثل: مخاطبة النجوم, أو بعض الرسومات السحرية, أو نحوها وكل هذا من البدع المحدثة والعياذ بالله.

<<  <  ج: ص:  >  >>