للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من أدلتهم على الذكر بالاسم المفرد: (قل الله ثم ذرهم) والرد عليهم]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم كثيراً ما يذكر بعض الشيوخ أنه يحتج على قول القائل: (الله) بقوله: {قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ} [الأنعام:٩١]، ويظن أن الله أمر نبيه بأن يقول الاسم المفرد, وهذا غلط باتفاق أهل العلم؛ فإن قوله: {قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:٩١]، معناه: الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى, وهو جواب لقوله: {قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ} [الأنعام:٩١]].

يعني: بعض الناس فهم أن قوله: {قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:٩١] خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم, وأنه يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: الله الله الله وهكذا, لكن الناس الآخرون لا يجوز لهم ذلك, وهذا فهم غير صحيح؛ فإن الآية لم ترد لا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره أن يكرر الكلمة، وإنما جاءت في جواب سؤال, فتوظيفها في غير سياقها لا يصح.

قال: [أي: الله الذي أنزل الكتاب الذي جاء به موسى, رد بذلك قول من قال من المكذبين لرسول الله: {مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٩١]، فقال: {مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى} [الأنعام:٩١]، ثم قال: {قُلِ اللَّهُ} [الأنعام:٩١] أنزله, ثم ذر هؤلاء المكذبين في خوضهم يلعبون.

ومما يبين ما تقدم ما ذكره سيبويه وغيره من أئمة النحو: أن العرب يحكون بالقول ما كان كلاماً, ولا يحكون به ما كان قولاً, فالقول لا يحكى به إلا كلام تام، أو جملة اسمية، أو جملة فعلية, ولهذا يكسرون (إن) إذا جاءت بعد القول, فالقول لا يحكى به اسم، والله تعالى لا يأمر أحداً بذكر اسم مفرد, ولا شرع للمسلمين ذكراً باسم المفرد المجرد.

والاسم المجرد لا يفيد شيئاً من الإيمان باتفاق أهل الإسلام, ولا يؤمر به في شيء من العبادات, ولا في شيء من المخاطبات.

ونظير من اقتصر على الاسم المفرد: ما يذكر أن بعض الأعراب مر على مؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله, فقال: ماذا يقول هذا؟ هذا الاسم، فأين الخبر عنه الذي يتم به الكلام؟].

يعني: قال: أشهد أن محمداً رسول الله، فجعل كلمة (رسول) هنا وصفاً لمحمد وليس خبراً, لكن لو قال: أشهد أن محمداً رسولُ الله, يصبح المعنى مختلفاً تماماً, يصبح أنه يشهد أن محمداً العلم المعروف رسولُ لله عز وجل.

ولهذا لا يتم الأذان لو قال الإنسان: أشهد أن محمداً رسولَ الله, لابد أن يقول: أشهد أن محمداً رسولُ الله, حتى يكون المعنى واضحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>