للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المذاهب الكفرية المعاصرة]

المذاهب الكفرية المعاصرة تعصف بحياة الأمة المسلمة اليوم، فكم من الذين يقولون: (لا إله إلا الله) ويصلون ويصومون ويحجون ويزكون من يتبنى منهجاً اشتراكياً أو شيوعياً يرى أنه هو الذي يجب أن يحكم في حياة الناس، أو ينتهج منهجاً علمانياً فيرى أن الدين إنما هو محصور في المسجد وليس له دور خارج المسجد، ولا علاقة للدين في التربية، ولا علاقة للدين في السياسة، ولا علاقة للدين في شئون الحياة كلها، أو ينتهج نهجاً آخر فيرى أن خير منهج لحياة المسلمين أن يتبعوا الغرب؛ لأنه يرى أن الغرب قد استطاع أن يبهر الدنيا بقدراته المادية والتكنولوجيا التي استطاع أن يفجرها في هذا الواقع، سواء في مجال الاتصال أو في مجال المواصلات، أو في أي مجال آخر، فيرى أن الأصلح للمسلمين أن ينتهجوا نهج الغرب في عقائدهم وفي أفكارهم وفي أخلاقهم وفي آدابهم، ويظن أن هذا النهج سيوصل إلى النجاح، وسيوصل إلى البناء، وسيوصل إلى أعلى المستويات التي يمكن للأمة أن تنسب إليها.

وتجد آخرين يرون أن هذا الدين لا يصلح أن يطبق اليوم، ولا يصلح أن يكون هو السائد على حياة الناس اليوم، ويقولون: كيف يمكن أن نطبق ديناً جاء لقوم آلتهم في المواصلات الحمار والبعير في الوقت الذي نسير فيه من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها الآخر في وقت لا يتجاوز عشرين ساعة أو أقل؟! يقولون: كيف نطبق هذا الدين في هذا الزمان المتطور المذهل؟! إذاً لابد من أن نجعل هذا الدين جزءاً من تراثنا نعتز به؛ لأنه تراث أمة من الأمم، لكن ينبغي أن نهدم كل ما هو قديم، وأن نبني الحياة البشرية على الصورة الأخرى وبطريقة أخرى تناسب الواقع المعاصر.

وكل أصحاب هذه الآراء مجمعون على أن هذا الدين لا يصلح لهذا الزمان، وأنه دين فني وانتهى، فترى بعضهم يصرح بأنه انتهى وذهب، وبعضهم يخشى من الانتقال فيحاول أن يمزق أجزاء هذا الدين، فيحصره في دائرة معينة ويقول: أنا أقر بالدين، لكن هذا الدين الأصلح له أن يكون في المسجد فقط، أما أن يبني الحياة فلا، وهذا طرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>