للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[شيخ الإسلام بشر ونحن متعبدون بنصوص القرآن والسنة]

وبقيت هنا قضية أختم بها، وهي قضية مهمة جداً، وهي أن شيخ الإسلام ابن تيمية بشر، ونحن متعبدون بنصوص القرآن والسنة، ولسنا متعبدين بكلام عالم أو إمام أو نحو هذا، لكننا متعبدون بنصوص القرآن وبنصوص السنة، ولهذا فلا نقول: إننا نقلد شيخ الإسلام رحمه الله، فإننا ننكر على الذين يقلدون الأئمة، لأن الأئمة كان كل واحد منهم يقول: الدليل مذهبي.

ويقول: إذا عارض قولي الحديث فاضربوا بقولي عرض الحائط.

ولا شك في أنه لا يمكن أن يثبت أمام قول الله وأمام قول الرسول صلى الله عليه وسلم قول لأحد كائناً من كان، مهما كان جهاده، ومهما كانت قدرته، ومهما كان عمله، ومهما كان شرفه، لا يثبت أمام قول الله وقول رسوله أي قول آخر.

ولهذا فإنه عندما يقرأ الإنسان أي كتاب من الكتب -سواء أكان لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أم لغيره- فإنه ينبغي عليه أن يستفيد من حججه، وألا يعتبر قوله في كل شيء، ومثال ذلك في أنه لا يقبل الله عز وجل ديناً غير دين الإسلام، فإن قيل: هل يقبل الله عز وجل يوم القيامة اليهودية؟ فإنك تقول: لا.

فإن قال: ما هو الدليل؟ فلا تقل: قال شيخ الإسلام رحمه الله.

بل تأتي بالآية فتستدل بها، وهذا منهج عظيم في قراءة الكتب، فإنه ليس كل الناس يقر بإمامة الأئمة، لكن كل الناس يعتبرون أن كتاب الله حجة وأن السنة حجة، ولهذا إذا قرأت كتاباً لعالم من العلماء فلا تعتبر كلامه، بل انظر إلى دليله، لتعرف كونه استدلالاً صحيحاً وسليماً، فإن كان كذلك فاحفظ الدليل واحفظ الاستدلال فهو الحجة، وليس قول فلان ولا قول فلان.

وستكون طريقتنا -إن شاء الله- في دراسة هذا الكتاب هي أننا قبل أن نبدأ في دراسة هذا الكتاب سنعرف بكتاب من كتب أهل السنة وبطريقته، ثم نبدأ بالكتاب بعد ذلك بإذن الله، وسنقسمه حسب الموضوعات، فالذي يقرأ كلام الشيخ يعرف أنه كثير الاستطراد، وأنه ربما تكلم كلاماً متسلسلاً، فلا يشعر الإنسان بوحدة موضوعية كما يقول الباحثون في هذا العصر، لكن عندما نأخذ الكلام ونقسمه على فقرات يكون ذلك أبين وأوضح، الفقرة الأولى تكون في تعريف العبادة، والفقرة الثانية في أمثلتها، والفقرة الثالثة في منزلتها، والفقرة الرابعة في العلاقة بين الدين والعبادة، والفقرة الخامسة في العبادة في الشرع، وهكذا نأخذها على شكل فقرات ونبحثها بحثاً نسأل الله عز وجل أن يكون موفقاً، إنه على كل شيء قدير.

<<  <  ج: ص:  >  >>