للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم من حكم بغير ما أنزل الله مع اعتقاد وجوبه]

السؤال

إذا حكم المرء بغير ما أنزل الله لهوى في نفسه أو غرض من الأغراض مع اعتقاده بوجوب الحكم بما أنزل الله فهل يكون كافراً؟

الجواب

الحكم بغير ما أنزل الله نوعان: الأول: أن يحكم بغير ما أنزل الله في قضية جزئية، مثل القاضي الذي يحكم في مسألة بشهوة مع اعترافه بأصل الأحكام الشرعية، ومع تطبيقه لها في غالب أحكامه، فهذا لا يكفر، وإنما هو عاص.

وأما تنحية الشريعة بأكملها وإقامة قانون وضعي بدلاً عن هذه الشريعة فلا شك في أن هذا كفر ناقل عن الإسلام، ومخرج من الملة، فإن هذا فيه إعراض عن هذه الشريعة بالكلية، وفيه رد لها، وهو كفر يخرج عن الإسلام، وكذلك إذا شرع أحد قانوناً في قضية من القضايا، فإنَّ هذا استحلال في الحقيقة؛ لأن أي قانون من القوانين يبدأ بقوله: (يجوز) أو (لا يجوز)، حتى القوانين الإدارية العادية تبدأ بنص: (لا يجوز للموظف أن يعمل كذا وكذا)، وكذلك القوانين التشريعية تبدأ بقولهم: (لا يجوز) أو (يجوز)، فالقوانين الوضعية التي تكون قانوناً وقاعدة عامة تطبق على كل الناس إذا غيرت فيها الأحكام الشرعية فهي كفر ينقل عن الملة، ويمكن أن يراجع في هذا الموضوع كتاب: (تحكيم القوانين الوضعية) للشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى، فإنه وضح هذا توضيحاً بيناً، حيث ذكر أنواع الحكم بغير ما أنزل الله الذي يخرج من الملة، فذكر أنواعاً تتعلق بالاستحلال القلبي، مثل اعتقاد أن القانون الوضعي خير من حكم الشرع، أو اعتقاد وجوب الحكم الوضعي، أو اعتقاد أن الحكم الوضعي مثل الحكم الشريعة، وذكر نماذج من الاعتقاد، ثم ختمها بتنحية الشريعة والإتيان بالقانون الوضعي، وهذا يدل على أن ذلك كفر من غير اعتقاد؛ لأنه لو كان كفراً باعتقاد أيضاً لكان في هذا تكرير للأنواع السابقة، وهو -رحمه الله- رجل دقيق في العلم، ويمكن أن يراجع الكتاب ففيه خير كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>