للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تسبيح الكائنات وعبوديتها لله تعالى وذكر الخلاف في هذه المسألة]

هنا مسألة، وهي: أن الكائنات جميعاً -كما سبق- عابدة لله عز وجل عبودية اضطرارية، ومنها الإنسان والجن والملائكة والجمادات والحيوانات والنباتات، فكل هذه المخلوقات تشترك في هذا النوع من أنواع العبادة، فهي خاضعة جميعاً، لكن ورد في بعض الآيات إثبات التسبيح والسجود والقنوت لبعض المخلوقات، كقوله تعالى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجمعة:١]، يعني: الذي في السموات والذي في الأرض، فقوله: ((مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ)) يشمل كل ما هو موجود في السماء والأرض من الحيوانات والنباتات والجمادات؛ لأن (ما) في قوله: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [الجمعة:١] موصولة بمعنى: (الذي)، والأسماء الموصولة جميعاً من صيغ العموم كما هو معلوم، فيشمل هذا جميع ما يوجد في الكون؛ فإنه مسبح لله عز وجل.

ويقول تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء:٤٤] يعني: كل شيء يسبح لله سبحانه وتعالى، لكن نحن لا نفقه تسبيحهم.

والسؤال هنا: هل هذا التسبيح الذي يصدر من السموات، والذي يصدر من الأرض، والذي يصدر من الكائنات جميعاً هل هو تسبيح حقيقة أم تسبيح دلالة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>