للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قصص من خرافات الصوفية التي يسمونها كرامات الأولياء]

والكلام في هذا الموضوع يطول, فإن الحديث عن الصوفية كثير جداً، لكن يمكن لي أن أنقل بعض النصوص المأخوذة من ثلاثة كتب: كتاب اسمه (كرامات الأولياء) لـ يوسف بن إسماعيل النبهاني، وكتاب اسمه (طبقات الأولياء) لـ عبد الوهاب الشعراني، وكتاب آخر للشعراني نفسه يتكلم فيه أيضاً عن قواعد التصوف, وهو (الأنوار القدسية في القواعد الصوفية).

يقول النبهاني في ترجمة أحمد بن إدريس: إن الله خصه بالمواهب المحمدية والعلوم اللدنية, والاجتماعات الصورية الكمالية بالنبي صلى الله عليه وسلم, والأخذ والتلقي منه، حتى لقنه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه أوراد الطريقة الشاذلية.

فلكي يروجوا للطريقة الشاذلية جاءوا بكرامة لهذا الرجل.

ويقول الشعراني: ومنهم -يعني: من الأولياء- الشيخ عبد الله أحد أصحاب سيدي عمر النبتيلي نفعنا الله ببركاته, كتب لي أنه رآني بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول للإمام علي رضي الله عنه: ألبس عبد الوهاب طاقيتي هذه وقل له: يتصرف في الكون! ويذكر -أيضاً- من كرامات محمد بن أبي المواهب الشاذلي أنه كان كثير الرؤيا للنبي صلى الله عليه وسلم في المنام حتى كأنه لا يفارقه, وكان يقول: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الناس يكذبوني في صحة رؤيتي لك, فقال: وعزة الله وعظمته من لم يؤمن بها أو كذبك فيها؛ لا يموت إلا يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً! ومنهم إبراهيم المجذوب الموجودة ترجمته في (جامع كرامات الأولياء) وفي طبقات الشعراني: كان كل قميص يلبسه فيخيطه بخرقة على رقبته ضيقة جداً حتى يختنق يحصل للناس من ذلك شدة عظيمة, وإن وسعه حصل لهم الفرج والراحة! يعني: إذا ضيق في اللباس على نفسه فإن الناس يعيشون في ضيق, وإذا وسع توسع الناس، فهذه كرامته.

فانظر كيف يربطون أرزاق الناس بثياب هؤلاء ورقابهم! وهذا موسى بن مهيم المرديني يقول عنه النبهاني في (جامع كرامات الأولياء): وقع بماردين حريق فاحش وفشا في البلد وعظم أمره, فاستغاثوا بالشيخ موسى رحمه الله فأمرهم بإلقاء عكازه في النار فانطفأت كأن لم تكن, فقال: إن الله وعدني ألا يحترق بالنار ما مسته يدي! فأي إنسان يضع يده عليه فإنه يعتبر نفسه عتيقاً من النار! وهذا رجل منهم اسمه أبو بكر بن أبي القاسم روي عنه أنه قال: من رآني ورأيته دخل الجنة! حتى وإن كان يهودياً أو نصرانياً.

وكذلك يقول أحد أئمتهم: من رآني أو رأى من رآني إلى سابع من رأى دخل الجنة.

ومنهم رجل اسمه مدين الأشحوري جاءته امرأة فقالت له: هذه ثلاثون ديناراً وتضمن لي عند الله الجنة, فقال الشيخ رضي الله عنه مباسطاً لها: ثلاثون ديناراً قليلة.

فقالت: لا أملك غيرها.

فضمن لها على الله الجنة، فماتت, فبلغ ورثتها ذلك, فجاءوا يطلبون الثلاثين ديناراً, وقالوا: هذا الضمان لا يصح -ويبدو أنهم من أصحاب الشريعة- فجاءتهم في المنام وقالت لهم: اشكروا لي فضل الشيخ؛ فإني دخلت الجنة! فرجعوا إلى الشيخ.

وهذا مذكور في طبقات الشعراني.

ومن كرامات بعضهم التي يذكرونها: أن امرأة يقارب عمرها عشرين سنة بدمشق المحروسة أعطاها سيدي تاج الدين نصيباً صالحاً من الأسرار, ثم سكنت المرقب، وصار الفقراء يترددون إلى منزلها, فمر عليها فقيران وأقاما مدة, ووردتهما أحوال عظيمة ومكاشفات رهيبة, ثم حدث أحدهما نفسه بها؛ لما رأى من إحسانها وودها، وسألها ما يسأل النساء, فأجابته ظاهراً، واعتقد القبول باستحكام غفلته, فلما ضاجعها ليلاً وجدها خشبة يابسة, فقال لنفسه المكابرة الأمارة: الثديان ألين شيء في المرأة.

فلمسهما فوجدهما كحجرين, فلمس أنفها فلم يجد أنفاً، فعند ذلك اقشعر جلده! فهل هذا فعل الأولياء في الخلوات!!! يقول: ومن كراماته ما أخبرني به بعض الثقاة من أهل طرابلس -وأظنه الحاج محمد الدبوس - قال المخبر: كان في طرابلس رجل من الشباب قليل الحياء معجباً بذكره، فكان يمازح الشيخ مزاحاً بارداً, فإذا رآه يضع ذلك الشاب يده على ذكره ويقول له: هل عندك مثل هذا؟! أي: أن الشاب يقول للشيخ: ما عندك مثل هذا، فكان الشيخ يضحك من ذلك, فلما تكرر هذا الأمر مرة بعد أخرى من ذلك الشاب لقيه مرة, فضربه الشيخ عليه بيده وقال له: اذهب.

فذهب كأنه امرأة لم يتحرك له شيء! وهذا كله سحر.

وهناك شيخ عندهم اسمه العمري، من كراماته -كما يقول عنه النبهاني - ما أخبرني به إبراهيم الحاج المذكور قال: دخلت في هذا النهار إلى الحمام مع شيخنا في كلام قبيح كثير.

ومن كراماتهم أيضاً ما حكاه حشيش أنه مر عليه يوماً فجرى في خاطره الإنكار عليه -يعني نور ا

<<  <  ج: ص:  >  >>