للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آثار الاحتجاج بالقدر على عذر العصاة]

يقول: [وكذلك ذنوب العباد يجب على العبد فيها أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب قدرته].

يعني: لا يقل الإنسان: إن الكفار معذورون؛ لأن هذا المكتوب عليهم مقدر عليهم، ولا يقل: إن دعاة الفسق والفجور والانحراف معذورون؛ لأن ذلك مكتوب عليهم، وبناء على هذا نترك جهاد المنافقين، أو نترك الدعوة إلى الله عز وجل، ونحن نعلم أن هناك كفاراً يدعون لكفرهم ويقاتلون من أجله، وأن هناك منافقين يدعون إلى النفاق والفجور والانحراف والضلال بكل صوره وألوانه، وأن هناك فسّاقاً ينشرون الفسق بأعمالهم وأقوالهم في الناس، فلو كنا جبرية على مذهب هؤلاء لعذرنا الكفار، وعذرنا المنافقين، وعذرنا الفسّاق الذين يدعون إلى فسقهم، وهذا لا شك في أن له آثاراً خطيرة جداً على الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا فإن الصوفية الذين صاروا جبرية، وعظّموا الإرادة الكونية، ورأوا أن مخلوقات الله عز وجل الموجودة يجب أن تعظّم لأنها مخلوقات لله عز وجل؛ رتبوا على هذا الإهمال في الدعوة والتكاسل، لكنك عندما تجد أهل السنة يؤمنون بالأمر والنهي، ويؤمنون بالإرادة الكونية من جهة، وبالإرادة الشرعية من جهة أخرى؛ تجد أنهم ينشطون في الدعوة إلى الله عز وجل وفي مواجهة أهل الفساد، فهم يواجهون الكفار بالجهاد في سبيل الله، أو بما يناسب في مرحلتهم تلك، ويواجهون المنافقين بكشف خططهم وبيان عوارهم للناس، حتى لا يأخذوا آراءهم وأفكارهم التي يدسون فيها السم في الدسم، وكذلك يوضحون آراء أهل الشهوات، ويمنعون أهل الشهوات من شهواتهم، كما قال الشيخ: يجب على العبد فيها أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بحسب قدرته، ويجاهد في سبيل الله الكفار والمنافقين، ويوالى أولياء الله، ويعادي أعداء الله، ويحب في الله، ويبغض في الله الخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>