للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تسوية أصحاب الحقيقة الكونية بين الأجناس المختلفة]

وقد سبق أن أشرت إلى أن الصوفية ليسوا طائفة واحدة، وإنما هم طوائف، وهذه الطائفة التي ذكرتها هي ممن يشهد الحقيقة الكونية، وقد أطال الكلام عليها رحمه الله، ويمكن أن نقرأ مقتطفات من كلامه فيها، يقول: [فمن شهد الحقيقة الكونية دون الحقيقة الدينية] يعني: من شهد الربوبية دون الإلهية، [سوى بين هذه الأجناس المختلفة] أي: والحال أن الله تعالى يقول: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم:٣٥]، ويقول: {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ * وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ} [فاطر:١٩ - ٢٢].

يقول: الذي يشهد الحقيقة الكونية يسوي بينها؛ لأنها كلها مخلوقة لله عز وجل ليس بينها فرق، فالجميع مخلوق لله، وقد سبق أن أشرنا إلى أنه لو كان الشيء مخلوقاً لله فلا يعني ذلك أن الله لا يبغضه، ولا يعني أن الله لا ينهانا عنه، فقد يخلقه وينهانا عنه، وقد يخلقه وهو مبغض له، والحكمة في هذا الابتلاء، قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك:٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>