للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ظهور بولس وتحريفه لدين النصارى]

وكان أول من أثر في دين النصارى هم اليهود، فظهر منهم رجل اسمه بولس شاول، فـ بولس شاول كان رجلاً مُضْطهِداً للنصارى؛ لأن النصارى كانوا في زمن الدولة الرومانية مضطهدين، وكانوا أعداداً معينة في بلاد الشام، وكان اليهود يتعاونون مع الرومان الوثنيين ضد النصارى، وعيسى عليه السلام بعث إلى اليهود كما يروون في الإنجيل أنه يقول: (إنما بعثت إلى خراف بني إسرائيل الضالة).

والحقائق الشرعية تثبت أن عيسى عليه السلام بعث إلى اليهود من أجل أن يصحح معتقداتهم بعد موسى عليه السلام، فآمن به طائفة سميت النصارى، وكفرت به البقية، وهم: بقية اليهود، وكانوا يتعاونون مع الرومان الوثنين ضد هؤلاء، وبالفعل تعاونوا معهم تعاوناً قوياً جداً، وطاردوهم، واضطهدوهم، فصاروا مشردين، وكان من أبلغ من يطارد النصارى بولس شاول اليهودي، ثم فكر في أسلوب آخر غير أسلوب المواجهة المادية فقال: أفسدهم عن طريق العقائد.

وهذه هي خطة اليهود، فجاء إلى النصارى وقال لهم: عندما أتيت إلى مدينة كذا -وذكر اسم مدينة- جاءني نور من السماء، وعندما جاء النور من السماء فزعت، فإذا هو يسوع، فقال: يا بولس! لماذا تطارد أتباعي؟! ثم وضع يده على قلبي فآمنت.

ثم قال: يا بولس! كرس بالإنجيل، يعني: ادع إلى الإنجيل.

فجاءهم بولس وأسلم.

فتخيل كم تكون عظمة فرحة النصارى المساكين عندما يؤمن بدينهم من كان يضطهدهم، سيفرحون فرحاً عظيماً جداً، وهذا الذي حصل، حيث فرحوا إلا طائفة يسيرة منهم عرفوا خطط اليهود، وحذروا البقية الباقية، لكن ما كان للتحذير فائدة عند هؤلاء، فبدأ يأتي بآراء وبدأ يقرر قواعد دين النصارى، وبدأ يقول: أريد أن أكتب الإنجيل.

وبدأ يزاحم الإنجيل، مع أن الأناجيل كتبت بعد رفع عيسى بزمن طويل، فبدأ يأتي برسائل سميت فيما بعد: (رسائل بولس).

وهكذا بدأ يخترع لهم ديناً آخر ويحرف الدين من داخله، فلما آمن قسطنطين -وهو رئيس الدولة الرومانية- بالنصرانية وكان وثنياً واجه دينين للنصرانية: الدين الأول: الدين المحرف الذي جاء به بولس، واتبعه عدد كبير من النصارى ممن اغتروا بـ بولس، وبقيت طائفة يسيرة أتباع لرجل موحد نصراني اسمه: آريوس، فلما أسلم قسطنطين أراد أن يجعل مذهب الدولة الرسمي الرومانية المذهب النصراني، فوجد مذهبين: أحدهما إما التوحيد الخالص الذي يمثله آريوس، والآخر مذهب بولس شاول.

ثم كانت الخلاصة أن أقاموا مجمعاً سموه: (مجمع نيقية) في عام ثلاثمائة وخمسة وعشرين ميلادية تقريباً، وفيه أعلن عند الرومان أن المذهب النصراني على طريقة بولس شاول هو المذهب الرسمي للدولة، ومن تلك الفترة صار هو المذهب الرسمي وهو مذهب محرف ضال.

إذاً: استطاع اليهود أن يضربوا دين النصارى من الجذور، ولهذا نلحظ الآن النصارى في أوروبا وفي أمريكا وفي غيرها مثل الخواتم في أيدي اليهود يعبثون بهم كيفما يشاءون، وانظر إلى موضوع من الموضوعات الأخلاقية، وهو المحافظة على العرض، فالمحافظة على العرض من الأمور المشتركة بين الأنبياء، فالأنبياء لهم دين اتفقوا فيه جميعاً، وهناك أشياء تشريعية اختلفوا فيها، ومن التشريع المشترك حفظ العرض، والمحافظة على الأهل والبعد عن الفواحش، كالزنا واللواط، فذلك محرم في كل الشرائع عند كل الأنبياء بدون استثناء، وما جاء أحد منهم بحل الزنا أو اللواط أو نحو ذلك.

وانظر اليوم إلى العالم الغربي الذي أصبح ذنباً لليهود، لقد أصبح متفسخاً إلى أبعد حد؛ لأن الذي شرع له الزنا، وشرع له الفواحش هم اليهود، فأراد اليهود أن يعملوا في دين الإسلام مثل ما عمل بولس في دين النصرانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>