للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

روى عن الصحابة كثيرٌ من العلل، لكن يقدم قول النبى - صلى الله عليه وسلم - عن غيره من الأمة حتى ولو كانوا الصحابة أنفسهم، قال ابن القيم: " وصح عن النبى - صلى الله عليه وسلم - تعليل التحريم بأنها رجس وهذا مقدم على قول من قال من الصحابة: إنما حرمها لأنها كانت ظهر القوم وحمولتهم فلما قيل له: فني الظهر وأكلت الحمر حرمها، وعلى قول من قال: إنما حرمها لأنها لم تخمَّس، وعلى قول من قال: إنما حرمها لأنها كانت حول القرية وكانت تأكل العذرة، وكل هذا في الصحيح لكن قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إنها رجس) مقدم على هذا كله، لأنه مِنْ ظن الراوي وقوله بخلاف التعليل بكونها رجسا " ا. هـ

الخامسة: ما معنى لجاهد مجاهد؟

(لجاهِدٌ) بكسر الهاء وتنوين الدال (مُجاهدٌ) بضم الميم وتنوين الدال أيضا.

ولها معنيان عند أهل العلم، قال النووى (١):

وفسروا لجاهد بالجاد في علمه وعمله، أي: لجاد في طاعة الله، والمجاهد في سبيل الله، وهو الغازي.

وقال القاضي: فيه وجه آخر جمع اللفظين توكيدا، قال ابن الأنباري: العرب إذا بالغت في تعظيم شيء اشتقت له من لفظه لفظا آخر على غير بنائه زيادة في التوكيد، وأعربوه بإعرابه فيقولون: جاد مجد، وليل لائل وشعر شاعر، ونحو ذلك.

قال القاضي: ورواه بعض رواة البخاري وبعض رواة مسلم: (لجاهَدَ) بفتح الهاء والدال على أنه فعل ماض (مَجاهدَ) بفتح الميم ونصب الدال بلا تنوين، قال: والأول هو الصواب. والله أعلم.

وفى الحديث جملةٌ من الفوائد ذكرها ابن حجر:

١ - الذكاة لا تطهر ما لا يحل أكله.

٢ - وأن كل شيء تنجس بملاقاة النجاسة يكفي غسله مرةً واحدةً لإطلاق الأمر بالغسل فإنه يصدق بالامتثال بالمرة، والأصل أن لا زيادة عليها.

٣ - وأن الأصل في الأشياء الإباحة لكون الصحابة أقدموا على ذبحها وطبخها كسائر الحيوان من قبل أن يستأمروا مع توفر دواعيهم على السؤال عما يشكل.

<<  <   >  >>