للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الجوزي فائدة الاستثناء خروج الحالف من الكذب إذا لم يفعل ما حلف عليه قال موسى عليه السلام {ستجدني إن شاء الله صابرا} ولم يصبر فسلم منه بالاستثناء.

الثانية عشر: هل على الكاذب كفارة.

قال ابن مفلح (١): " الكذب ليس فيه كفارة، وهو أشد من اليمين، لأن اليمين تكفر والكذب لا يكفر "

فالكفارة المذكورة فى المسألة السابقة إنما يكون لمن حلف ثم حنث فى يمينه، أما من غير يمين فهو

كذب، وإن استثنى فلا شىء عليه.

الثالثة عشر: هل هناك من الكذب ما هو جائز.

هناك صورٌ اجاز الشرع فيها الكذب للمصلحة:

من ذلك كذب الرجل على امرأته، وفى الحرب ولإصلاح ذات البين.

فعن شهر عن أسماء بنت يزيد مرفوعا (٢) " كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث خصال إلا رجل كذب لامرأته ليرضيها أو رجل كذب في خديعة حرب أو رجل كذب بين امرأين مسلمين ليصلح بينهما ". وروى البخارى ومسلم نحوه.

ومن الجائز أيضاً: المعاريض، وقد بوب البخارىُّ على ذلك فقال: " وفى المعاريض مندوحةٌ عن الكذب "، وفى تفسير ابن الجوزى فى قوله (٣): " بل فعله كبيرهم هذا " (الأنبياء، ٦٣) قال:

" المعاريض لا تذم إذا احتيج إليها " وذكر أدلةً على هذا منها:

قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: " ما يسرني أن لي بما أعلم من معاريض القول مثل أهلي ومالي "

وقال النخعي: " لهم كلام يتكلمون به إذا خشوا من شيء يدرؤون به عن أنفسهم"

وقال ابن سيرين: " الكلام أوسع من أن يكذب ظريف "

ومن الفوائد التى فى الحديث ما ذكره النووى فى مقدمة مسلم (٤)

١ - تقرير هذه القاعدة لأهل السنة أن الكذب يتناول أخبار العامد والساهى عن الشيء بخلاف ما هو عليه فى الحقيقة، خلافاً للمعتزلة الذين اشترطوا العمد.


(١) الآداب الشرعية لابن مفلح، حـ١، ٦٣
(٢) أحمد (٦/ ٤٥٤) الترمذى (١٩٣٨)
(٣) الآداب الشرعية، حـ١/ ٤٩، ٥٠
(٤) شرح مسلم، المقدمة - النووى، ٦٧، ٦٨ - بتصرف -

<<  <   >  >>