للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَوَانِينُ الرِّوَايَةِ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ:

تلك الأصول التي بَيَّنَّاهَا في ضبط الرواية وصياغتها توجب البحث وَتُحَتِّمُ التَثَبُّتَ في الحديث، من جهة الراوي، ومن جهة الرواية، ومن جهة المروي، وغير ذلك مِمَّا يتعلق بالحديث، لأَنَّ في كل ذلك قرائن، ودلائل تشير إلى صحة النقل أو عدم صحته مِمَّا لا يجوز شَرْعًا في مسؤولية الدين أَنْ يفرط الباحث فيه.

وكان الصحابة آنذاك هم الذين يَرْوُونَ الحديث للناس، وهم خير القرون، ولم تكن هناك سلاسل إسناد، ولذلك لم يكن الأمر بحاجة إلى أكثر من أَنْ نَتَثَبَّتَ من صحة أداء الراوي العدل الضابط وهو الصحابي، بأنْ نطمئن إلى أنه لم يخطيء أو لَمْ يَنْسَ، ونحو ذلك، مِمَّا قد يعرض للعدل الضابط، مِمَّا لا يُعْصَمُ منه البشر.

وقد تشبث الصحابة بتلك الأصول بما يحقق الهدف، فَقَدْ اتَّبَعُوا قَوَانِينَ وَأُصُولاً في الرواية تلائم ما ذكرنا من وضع السُنَّةِ في عهدهم وكانت مبتدأ علم مصطلح الحديث، وأصول النقد، الذي تكامل شَيْئًا فَشَيْئًا بعد ذلك مع ما طرأ من التغيرات، وطول الأسانيد وغير ذلك.

وقد لجأ الصحابة إلى قواعد نذكر منها:

أَوَّلاً: تَقْلِيلُ الرِّوَايَةِ:

وذلك حتى لا يزلق لسان الراوي، فينزلق ويقع في الخطأ أو يسرع إليه الوهم، والأمثلة على ذلك من تصرف الخلفاء الراشدين وتوجيهاتهم كثيرة مشهورة، أضيف إليها هذه الوثيقة التي تدل على انتشار الأخذ بهذا الأصل

<<  <   >  >>