للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صِدْقِ بَعْضِهِمْ، فإنَّ عمر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - صَرَّحَ في بيان عمله في التثبيت بقوله: «إِنِّي لَمْ أَتَّهِمك، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَتَثَبَّتَ».

فالواقع أَنَّ من يريد تفسير عمل الصحابة فِي التَثَبُّتِ بِالشَكِّ وَالتُّهْمَةِ لبعضهم شأنه شأن من يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، لأنَّ نصوص الروايات التي يستدل بها صريحة في ألفاظها واضحة في عباراتها يقول أصحابها: إِنَّنَا لَمْ نَتَّهِمْ هَذَا الرَّاوِي، ثم يأتي هذا المُتَقَوِّلُ في هذا الزمان ليزعم أَنَّهُ يَتَّهِمُهُ، فمن نُصَدِّقُ؟ أَهََلْ نُصَدِّقُ صاحب المسألة المُتَثَبِّتُ أو نُصَدِّقُ المُتَقَوِّلَ المُخْتَرِعَ لهذا التفسير بعد مَدِيدِ الأجيال والقرون؟

ومن قوانينهم في الرواية:

ثَالِثًا: نَقْدُ الرِّوَايَاتِ:

وذلك بعرضها على نصوص وقواعد الشريعة فإذا وجدوا النص المروي مُخَالِفًا لَهَا رَدُّوهُ ولم يعملوا به.

فهذه السَيِّدَةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فيما أخرجه الشيخان عنها، سَمِعَتْ حَدِيثَ عُمَرَ وَابْنَهُ عَبْدَ اللهِ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ». فَقَالَتْ: رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ، وَاللَّهِ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ يَزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ "، وَقَالَتْ حَسْبُكُمُ الْقُرْآنُ {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}» (١).


(١) [سورة الأنعام، الآية: ١٦٤]، [سورة الإسراء، الآية: ١٥]، [سورة فاطر، الآية: ١٨]، [سورة الزُمر، الآية: ٧].

<<  <   >  >>