للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول كل واحد منهم عن الصحابة إنهم كانوا يقولون: «إِنَّمَا هَذِهِ الأَحَادِيثَ دِينٌ، فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَأْخُذُونَهًا» (١) مِمَّا يدل على قيام توعية ضخمة في هذا الخصوص.

٣ - وترتب على ذلك أَنْ وجدت أنواع من الحديث المقبول وغير المقبول، ووجدت فنون الإسناد، وعلوم الجرح والتعديل وَالرُّوَاةِ، وغير ذلك، وقد سَجَّلَ الأئمة المتقدمون في مطلع كُتُبِهِمْ رُوَاةَ الحديث نُقُولاً صحيحة عن الصحابة أنفسهم فيها كلامهم في الرجال جَرْحًا وَتَعْدِيلاً وغير ذلك، وهكذا وجدت علوم المتن وأصول الحديث في الأسانيد والمتون.

٤ - وكان من منهج الصحابة في الرواية والبحث عن الرُّوَاةِ والأسانيد: الرحلة في طلب الحديث.

ومن هنا فإننا نستطيع بكل ثقة أَنْ نُسَجِّلَ هَهُنَا نتيجة بالغة الأهمية، وهي أَنَّ الصحابة الكرام - رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَنْهُمْ - وقد جعلوا كتاب الله تعالى وَسُنَّةَ رسوله مِرْآتَهُمْ قَدْ تَوَصَّلُوا بِدِقَّةٍ استنباطهم وعمق فقههم إلى استنباط قوانين للرواية حفظوا بها الحديث من الخطأ والخلط، كما صانوه من الدَسِّ وَالاِخْتِلاَقِ، وكانت هذه القواعد أصول علوم الحديث التي نمت شجرتها وتفرعت فروعها في كل عصر حتى تغطي الحاجة التي كانت تَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ أحوال جديدة في الرُّوَاةِ وَالرِّوَايَةِ، والمتون والأسانيد.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل ": ج ١ قسم ١ ص ١٥ عن عدد من التابعين بلفظ: «كَانَ يُقَالُ: إِنَّمَا هَذِهِ الأَحَادِيثَ ... » أي كان الصحابة يقولون. وانظر كتابنا " منهج النقد في علوم الحديث ": ص ٣٢٩، ٣٣٠.

<<  <   >  >>