للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - نقول لهم بعد هذا: ما تظنون فيما أسميتموه النقد الخارجي؟ هل تظنونه تم واستكمل عند المُحَدِّثِينَ بعيدًا عن النظر والفحص للمتون وهذا الذي قلتم: «سلسلة شيوخ جديرين بالثقة، هذا الجدير بالثقة كيف كان جديرًا بها؟ هل حصل عليها بصك غفران أو لانتمائه إلى فئة معينة؟؟ أم أنه كما هو الواقع حاز على هذه الصفة (ثِقَةٌ) بأن اجتاز اختبارًا شاملاً لشخصيته لتحقيق صفة العدالة أو ما نسميه الآن الأمانة العلمية وصفة (الضَبْطِ) أو ما يمكن أن نسميه الكفاءة العلمية التي بها يكون على مستوى استيعاب الحديث وأدائه كما سمع.

في الواقع إن إثبات ثقة الرُوَّاةِ، وكونهم جديرين بالثقة هذا الذي استخف به جولدتسهير وَمُقَلِّدَتُهُ يرتبط المتون ارتباطًا قَوِيًّا لأن توثيق الراوي لا بد فيه من اختبار مروياته وعرضها على روايات الثقات فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم أو كانت له مخالفة نادرة عرفنا حينئذ كونه (ضَابِطًا) (١) وحكمنا له مع اتصافه بالعدالة بأنه (ثِقَةٌ).

وهذه كتب الجرح والتعديل مليئة بألفاظ الجرح للرواي بسبب الخطأ في مروياته مثل قولهم (فُلاَنٌ مُنْكَرُ الحَدِيثِ). (يَرْوِي المَنَاكِيرَ). (يَرْوِي الغَرَائِبَ). (رَوَى حَدِيثًا بَاطِلاً). (رِوَايَاتُهُ وَاهِيَةٌ). وغير ذلك كثير يدل على أن المُحَدِّثِينَ كانوا في الاحتياط أبلغ مِمَّا يريده المتطفلون عليهم.

على أنا بعد هذا نرجو أَنْ لاَ يُتَوَهَّمَ من نقاشنا أننا نغض من نقد السند، أو هموم الرُوَّاةِ، بل إن للسند قيمته التي لاَ تُجْحَدُ وَلاَ تُنْكَرُ في


(١) " علوم الحديث " لابن الصلاح: ص ١٠٦. وانظر الفكرة في " مقدمة صحيح مسلم ".

<<  <   >  >>