للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد عُنِيَ العلماء بأوجه الترجيح وأنواعها وَتَقَصَّوْهَا بجزئياتها وكلياتها حتى زادت جزئياتها على مائة وجه من أوجه الترجيح، وضبطت كلياتها في سبعة أقسام كلية ترجع كلها إليها (١).

وهكذا نجد البحث في موضوع التعارض قد شمل كل جوانبه وعالج المشكلة عِلاَجًا يزيل كل توهم حول الحديث الصحيح والحسن. .

٣ - عني العلماء بدراسة ما أشكل من الأحاديث دراسة تفصيلية تتناول كل حديث منهما، فأجابوا عنه عند شرحهم للحديث في الشروح الحافلة التي صَنَّفُوهَا على كُتُبِ السُنَّةِ، ولم يكتفوا بذلك بل أفردوا هذا اللون العلمي بالدراسة في كتب خاصة كثيرة، نذكر منها:

" اختلاف الحديث "، للإمام الشافعي.

" تأويل مختلف الحديث "، لابن قتيبة.

" مشكل الآثار "، للطحطاوي.

" مشكل الحديث "، لأبي بكر بن فورك.

" مشكل الحديث "، للقصري.

فَمَثَلاً: الحديث الذي أوردناه، والذي استشكله بعضهم في محاضرة عِلْمِيَّةٍ في إحدى قاعات جامعة كبيرة مشهورة، هذا الحديث صحيح متفق عليه، أخرجه الشيخان بأسانيدهما عن أبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: «أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ -، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَفَقَأَ عَيْنَهُ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ: " أَرْسَلْتَنِى إِلَى عَبْدٍ لاَ يُرِيدُ الْمَوْتَ! "، قَالَ: " فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ: ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ.


(١) أورد الإمام الحازمي من أوجه التوفيق التفصيلية خمسين وَجْهًا في كتابه " الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار ": ص ١١ - ٢٧ وأوصلها العراقي في " نكته على ابن الصلاح " إلى أكثر من مائة، ثم جاء السيوطي فضبطها بسبع قواعد كلية في كتابه " تدريب الراوي ": ص ٣٨٨ - ٣٩١.

<<  <   >  >>