للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كينونة الشر بقضاء الله تعالى وقدره]

[والإيمان بالقدر خيره وشره حلوه ومره، وكل ذلك قد قدره الله ربنا، جاء في حديث جبريل: (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره)، والله سبحانه خالق كل شيء ومقدُّره، قال الله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:٦٢]، وقال: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان:٢].

فكل ما هو كائن من خير أو شر فهو بقضاء الله وقدره ومشيئته وإرادته، وأما ما جاء في حديث علي رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الطويل، وفيه: (والخير كله في يديك، والشر ليس إليك) رواه مسلم فلا يدل على أن الشر لا يقع بقضائه وخلقه، وإنما معناه أن الله لا يخلق شراً محضاً لا يكون لحكمة ولا يترتب عليه فائدة بوجه من الوجوه، وأيضاً فالشر لا يضاف إليه استقلالاً، بل يكون داخلاً تحت العموم، كما قال الله عز وجل: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر:٦٢]، وقال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:٤٩]، فيُتأدب مع الله بعدم نسبة الشر وحده إلى الله، ولهذا جاء فيما ذكره الله عن الجن من تأدبهم في نسبة الخير إليه، وذكر الشر على البناء لما لم يسم فاعله، قال الله عز وجل عن الجن: {وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن:١٠].