للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[توبة المبتدع]

السؤال

ما حكم توبة المبتدع؟

الجواب

من ابتدع بدعة وتاب منها، فالتوبة تجب ما قبلها ومن تاب تاب الله عليه.

ثم إن الإنسان إذا أضاف إلى آخر بدعة سواء كان بدعة مسلماً بها أو غير مسلم بها، فإذا رد عليه وبين فقد أدى ما عليه، ولا يجوز أن يشغل الوقت كله بمتابعته، وبامتحان الناس به، وأن من لم يبدعه يعتبر مبتدعاً، ثم يتهاجر الناس، وتعم الفتنة كل مكان بسبب هذا الامتحان في موقف الإنسان من فلان الفلاني الذي اعترض عليه فلان الفلاني بكذا وكذا، فمثل هذا لا يجوز، وليست هذه طريقة السلف، والله عز وجل يقول: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية:٢١ - ٢٢]، والإنسان ليس عليه إلا البلاغ، ولا ينبغي أن يشغل وقته في متابعة من يرد عليه، ثم يذهب الوقت كله في ردود واعتراضات وسباب، ثم ينقسم الناس إلى مجموعتين، مجموعة تؤيد هذا، والمجموعة الأخرى تؤيد هذا، ومن لا يبدع هذا يهجر، فتنتقل هذه العدوى إلى مختلف الأماكن وإلى مختلف البلاد.

ومثل هذا العمل كله من الجهل، ومن المعلوم أن أهل السنة ليس هذا عملهم، ومن أقرب من أدركناه وشاهدناه من أهل السنة الشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ ابن عثيمين رحمة الله عليهما، فإن شأنهم أنهم يبينون الحق، ويشتغلون بالعلم، ولا يكون شغلهم الشاغل متابعة الشخص الذي ردوا عليه.

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله رد على مبتدع كان يقرر مذهب الأشاعرة، وكان من جملة كلامه: فلان هداه الله، ثم اشتغل بالعلم وإفادة الناس، وما كان شغله الشاغل أنه يتابع هذا الشخص الذي رد عليه.

ثم الأدهى والأمر من ذلك أن يأتي بعض الناس يؤيدون هذا، وبعض الناس يؤيدون هذا، ثم إذا لم يكن للإنسان موقف من هذا الشخص فإنه يبدع ويهجر! ولا شك أن هذا من عمل الشيطان، وهذا الأمر من الفتن الذي شغلت أهل السنة بعضهم ببعض، وشغلتهم عن الاشتغال بغيرهم ممن ينبغي أن يشتغل ببيان بدعهم والتحذير منهم ومن طرقهم ومناهجهم التي هي مخالفة للحق والهدى.

لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كلام جميل في مجموع الفتاوى يتعلق بـ يزيد بن معاوية قال فيه: إن جماعة يمدحون يزيد بن معاوية، وجماعة يذمونه، والصواب الذي عليه الأئمة أنه لا يخص بمحبة، ولا يلعن، وإن كان ظالماً فاسقاً، وقد يكون له أعمال يغفر الله له بسببها، وقد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له)، وأول جيش غزاها كان أميره يزيد بن معاوية، وكان معه أبو أيوب الأنصاري.

ثم قال: والصواب أنه لا يجوز أن يمتحن الناس به؛ فإن هذا من أعمال أهل البدع.