للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم التقيد والالتزام بمذهب معين]

السؤال

الحافظ ابن رجب له رسالة اسمها: (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة)، وفيها تحريم الخروج عن المذاهب الأربعة، فما قولكم؟

الجواب

هذا خطأ وليس بصحيح، فمعلوم أن أبا حنيفة رحمة الله عليه -وهو أول الأئمة الأربعة- ولد سنة (٨٠هـ) فقبل سنة (٨٠هـ) كيف كان الناس؟ فالواجب أن يكون الناس بعد سنة (٨٠هـ) مثلما كانوا قبل سنة (٨٠هـ)، والذي عنده معرفة بالدليل لا يجوز له أن يقلد أحداً، والذي لا يستطيع عليه أن يسأل أهل العلم ومن يثق بعلمه ودينه ويأخذ بفتواه، وإذا لم يجد أحداً يفتيه فله أن يتعلم مذهباً من المذاهب الأربعة ويتعبد الله به، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:١٦]، أما كون أي إنسان يلزم بأن يكون تابعاً فهذا غير صحيح، وكثير من العلماء من بعد الأئمة الأربعة وفيهم من هو من أتباع الأئمة الأربعة وممن تفقهوا في مذاهب الأئمة الأربعة كانوا إذا جاءت إليهم مسائل يقولون: الحق فيها كذا وإن كان المذهب على كذا، يعني: هم أنفسهم تفقهوا في مذهب معين، ومع ذلك إذا وجدوا الدليل خارج المذهب فإنهم يتركون المذهب ويتبعون الدليل، وهذا فيه نقول متعددة موجودة في الفتح، وأنا ذكرت جملة منها في الرد على الرفاعي والبوطي فيما يتعلق ببعض الأمور التي أنكروها على أهل السنة وعابوا بها أهل السنة، ومنها ما يتعلق بالمذاهب، وقد نقلت نقولاً عن المالكية، والحنفية، والشافعية، وأصحاب المذاهب التي تبين أن المعول عليه هو الدليل.

ثم أيضاً هذا العمل فيه أخذاً بوصايا الأئمة؛ لأن كل واحد من الأئمة كان يوصي بأنه إذا وجد الدليل فإنه يترك قوله ويصار إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم.