للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[خطورة اعتقاد البدع واستحسانها]

فالحاصل: أن هذا الذي يقع في كثير من الأقطار وفي كثير من البلدان من كثير من الناس من الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم هو من البدع المحدثة التي لم تأت عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أتباع التابعين، وجاء عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال: من قال: إن في الإسلام بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة.

لأنه هذا معناه: أنه ترك شيئاً الناس بحاجة إليه، والرسول صلى الله عليه وسلم ما ترك شيئاً يقرب إلى الله إلا ودل أمته عليه، وما ترك شيئاً يبعد من الله إلا وحذر أمته منه، وهو صلى الله عليه وسلم أنصح الناس للناس، وهو أكمل الناس نصحاً وأكملهم بياناً، ولم يرد عنه شيء من ذكر الموالد ولا عن أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فدل ذلك على أن هذا محدث، وأنه بدعة، وأن الواجب هو اتباع السنن وترك البدع.

قال الإمام مالك رحمة الله عليه: من قال: إن في الإسلام بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة، والله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣].

ثم قال: فما لم يكن يومئذٍ ديناً لا يكون اليوم ديناً.

يعني: ما لم يكن ديناً في زمان محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يكون اليوم ديناً؛ لأن الدين في زمنه صلى الله عليه وسلم هو الدين بعد ذلك، وليس هناك دين جديد يأتي لم يكن في زمن الصحابة وزمن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يعقل أن يكون هناك حق وهدى يحجب عن الصحابة ثم يدخر لأناس يجيئون بعدهم، بل هذا من تلاعب الشيطان بالناس وصرفهم عن السنن إلى البدع.