للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معنى قوله: (والإثم ما حاك في النفس)]

قوله: (والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك).

قوله: (ما حاك في النفس) يعني: ما حصل للنفس فيه مشقة وعدم طمأنينة، فالإنسان إذا لم يكن الأمر واضحاً عنده، بل فيه خفاء في كونه حلالاً أو حراماً، وكونه سائغاً أو غير سائغ فطريق السلامة في ذلك تجنبه وتركه، كالمثال الذي ذكرته، وهو الهدية ممن يكون أكثر ماله حراماً، فإن هذا لو أفتى الإنسان في شأنه من يفتيه فإن كونه لا يقدم على ذلك ويتخلص منه لا شك أن فيه الاطمئنان في قلبه والسلامة لنفسه، ويكون بذلك مطمئناً منشرح الصدر، بخلاف ما إذا كان بخلاف ذلك وأخذ هذه الهدية ونفسه غير مطمئنة، فإن ذلك يحدث له تشوشاًً في فكره وفي نفسه، فلا يكون عنده اطمئنان، فيكون الحل الأمثل كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه) ومعلوم أن الفتوى إما أن تكون بأدلة واضحة وبمن يكون من أهل العلم، فإنه يتعين على المستفتي أن يأخذ بالفتوى، وأما إذا كان الأمر ليس بواضح وإنما هو من الأمور المشتبهات فقد يكون المسئول ليس من أهل العلم، وقد يكون عنده جهل وعنده خفاء وعنده تسرع، فكون الإنسان يأخذ بما فيه الاطمئنان وما فيه السلامة وما فيه الراحة لا شك أن هذا هو الأليق وهذا هو الأولى بالإنسان، والله تعالى أعلم.