للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هل في الدين بدعة حسنة؟]

المحدثات في الدين هي البدع (وكل بدعة ضلالة) وهذا لفظ عام يشمل البدع كلها التي أحدثت في الدين مما ليس له أساس، فإن كل بدعة في الدين هي ضلال؛ لأنها مخالفة لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, ولا يستثنى من ذلك شيء، ولا يقال: إن في الإسلام بدعة حسنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (كل بدعة ضلال) فكيف يقال: إن في الإسلام بدعة حسنة؟! ليس في الإسلام بدعة حسنة, بل البدع كلها ضلال كما جاء في هذه الجملة العامة, وقد ثبت أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة.

فإن استحسنها الناس واستساغوها وألفوها فإنها إذا لم يكن لها أساس في الدين فإنها مما أحدث ومما ابتدع، وهي ضلال, ولا يستثنى من ذلك شيء, فليس في الإسلام بدعة حسنة, وقد جاء عن الإمام مالك رحمة الله عليه أنه قال: من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة فقد زعم أن محمداً خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣]، ثم قال: ما لم يكن يومئذ ديناً لا يكون اليوم ديناً.

يعني: ما لم يكن يومئذ ديناً -يعني يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه- فإنه لا يكون اليوم ديناً.

فالدين في هذا الزمان وفي كل زمن هو الدين في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه, أما هذه البدع المحدثة المبتدعة التي ما أنزل الله بها من سلطان فهي ضلال، وقد حمى الله عنها وحفظ الله منها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتلي بها من بعدهم, فلا يجوز ولا يعقل أن يقال: إن هذه الأمور المحدثة التي أحدثها الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حق وهدى! فكيف تكون حقاً وهدى ويحجب عنها الصحابة ويظفر بها أناس يجيئون بعدهم؟! فهذا ليس بمعقول ولا مقبول, بل الحق والهدى ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما جاء في هذا الحديث: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي) هذا هو الحق والهدى, وكذلك قوله في حديث افتراق الأمة حين قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال: (الجماعة) وفي لفظ: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي) هذه هي الفرقة الناجية، وهؤلاء هم أهل السنة, وهم الجماعة، وهم الناجون، وهم السالمون، وهم الذين على الهدى، ومن كان على خلاف ذلك فليس على هدى وإنما هو على ضلال.

فتلك الأمور المحدثة التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي أخبر بأنها ستقع لا يجوز أن يقال: إنها حق.

ولو كان الأمر كذلك لكان أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ما ظفروا بهذا الحق, وهذا باطل؛ لأن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم هم السباقون إلى كل خير، وهم الذين ظفروا بكل خير، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، كما قال ذلك مالك رحمة الله عليه, فلا يمكن للآخرين أن يصلحوا بشيء ما صلح به الصحابة.

إذاً: البدع جاءت بعد الصحابة وليست على منهاج الصحابة، وليست على طريقة الصحابة، وإنما هي مخالفة لما كان عليه الصحابة، فهي محدثات وبدع وضلال، ولا يجوز الالتفات إليها ولا يجوز التعويل عليها، وإنما التعويل على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.