للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعليق على تصحيح الغماري لحديث: (جئتم من الجهاد الأصغر)]

السؤال

قال ابن رجب: وقال إبراهيم بن أبي عبلة لقوم جاءوا من الغزو: قد جئتم من الجهاد الأصغر، فما فعلتم في الجهاد الأكبر؟ قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد القلب, يقول شعيب: ذكره المزي في تهذيب الكمال والذهبي في السير.

قال ابن رجب: ويروى هذا مرفوعاً من حديث جابر بإسناد ضعيف، ولفظه: (قدمت من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر, قالوا: وما الجهاد الأكبر؟ قال: مجاهدة العبد لهواه).

يقول شعيب في الحاشية: رواه البيهقي في الزهد، والخطيب في تاريخه، وفي سنده ضعيف ومتهم، وضعفه البيهقي والعراقي، وقال الحافظ ابن حجر في تسديد القوس فيما نقله عنه العجلوني في كشف الخفاء: هو مشهور على الألسنة وهو من كلام إبراهيم بن أبي عبلة.

اهـ

الجواب

على كل حال، هذا الحديث من ناحية المعنى غير مستقيم، فالجهاد الأكبر لا شك أنه قتال الكفار، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ولكن لا شك أن جهاد النفس هو الذي يمكن من حصول الفائدة الكبيرة من الجهاد الأكبر؛ لأن الإنسان الذي لا يجاهد نفسه لا يستطيع أن يجاهد غيره.

مداخلة: الشيخ الألباني ذكر هذا الحديث في السلسلة الضعيفة (٢٤٦٥) من رواية الخطيب في التاريخ وأبي بكر الشافعي في الفوائد والبيهقي في الزهد وقال: منكر.

والحديث قال عنه الغماري في المداوي: والحديث له شواهد كثيرة يمكن جمعها في جزء مفرد، ولنا عزم على ذلك.

الشيخ: الغماري معروف أنه مخلط، وهو صاحب كتاب المداوي أحمد بن الصديق، وله المغير على شرح المناوي، ولعله أسوأ الغماريين, فله كتابات قبيحة لاسيما كتابه الذي يشيد فيه ببناء القبور، ويقول: إنه يستحب بناء القبور، وصنف رسالة بعنوان: إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على القبور، يعني: أنه ينبش عن كل ما هب ودب من أجل أن يستدل على استحباب هذا الذي جاءت الشريعة بتحريمه، وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر أيامه، بل في أواخر لحظاته صلى الله عليه وسلم! وله مؤلفات كثيرة، وله كتاب اسمه: توجيه الأنظار إلى توحيد العالم الإسلامي في الصوم والإفطار, وكان من أسوأ ما قاله في هذا الكتاب أنه أتى بقصة كريب وصيام أهل الشام قبل أهل الحجاز، وأن ابن عباس قال: لهم رؤيتهم ولنا رؤيتنا أو نحو هذا الكلام، فقال: ابن عباس لم يقل هذا إلا لأنه لا يعبأ برؤية معاوية ولا رؤية أهل الشام! يعني: رؤية معاوية وأهل الشام لا يلتفت إليها، ولا يعتبر بها.