للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شبهة الاستدلال للحلول ودفعها]

وليس في هذا الحديث دليل على الحلول والاتحاد كما هو قول أهل الباطل الذي ابتلي به بعض الناس فقالوا: إن الله -تعالى عن قولهم- حال في المخلوقات! فإن الله عز وجل هو الأول الذي ليس قبله شيء، والمخلوقات خلقها الله عز وجل، وكانت عدماً فأوجدها، وكانت بعد أن لم تكن، ووجودها مباين لوجود الله عز وجل، فليس الخالق حالاً في المخلوقات، ولا المخلوقات حالة في الله سبحانه وتعالى.

ولهذا فإن الحديث فيه متقرب ومتقرَّب إليه، وفيه سائل ومسئول: (ولئن سألني لأعطينه)، وفيه مستعيذ ومستعاذ به: (ولئن استعاذني لأعيذنه).

وفرق بين الخالق والمخلوق، فلا يكون الخالق حالاً في المخلوق، ولا المخلوق حالاً في الخالق، بل الله عز وجل مباين للمخلوقات، فليس هناك حلول، وإنما المعنى هو أن الله تعالى يسدده في سمعه وبصره وبطشه ومشيه، فلا يستعمل هذه الوسائل وهذه النعم إلا فيما يعود عليه بالخير، وهذا نتيجة كون الإنسان يحصل محبة الله عز وجل بفعل الفرائض والإتيان بالنوافل مع ذلك، فيجلب بذلك محبة الله عز وجل له، وإذا أحبه سدده في سمعه وبصره وبطشه ومشيه وجميع تصرفاته، فتكون حركاته وتصرفاته لله، وذلك في طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.