للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حالات جواز مجيء الضمير المنفصل مع إمكان مجيء المتصل]

ثم استثنى من هذه القاعدة ثلاث مسائل، فقال: [وصل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه في كنته الخلف انتمى كذلك خلتنيه واتصالا أختار غيري اختار الانفصالا] (أو) في قوله: (صل أو افصل) للتخيير، يعني: يجوز الوصل والفصل في الهاء من سلنيه، وما أشبه الهاء في سلنيه.

ولنعد إلى (سلنيه) حتى نعرف ما أشبهها: سلني بمعنى: اسألني عطاءً، وليس المعنى سلني عن خبر، بل السؤال هنا من سؤال العطية، وفعلها الماضي سأل، فإذا قلت: سألنيه، يجوز في الهاء الوصل والفصل؛ لأنه قال: (صل أو افصل هاء سلنيه وما أشبهه)، فتقول: سلنيه، وتقول: سلني إياه، ويجوز أن أقول: سألنيه، ويجوز أن أقول: سألني إياه.

والذي يشبه سلنيه: كل فعل ينصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.

تقول: الثوب كسانيه، الثوب كساني إياه؛ لأن (كسا) من باب سأل، تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر.

وتقول: الدرهم أعطانيه، الدرهم أعطاني إياه.

والوصل أفضل، وأخذنا هذا من وجهين: الوجه الأول لفظي: وهو أن المؤلف قدم (صل) على (افصل) والتقديم يشعر بأنه أولى.

والثاني معنوي: وهو أن الأصل هو الاتصال.

وقوله: (في كنته الخلف انتمى كذاك خلتنيه).

انتمى: أي انتسب للنحويين.

والخلف: هو الخلاف.

في كنته: يعني في كان وأخواتها.

كذاك خلتنيه: أي خال وأخواتها.

فكان ترفع الاسم وتنصب الخبر، واسم كان الضمير (التاء) مبنياً على الضم في محل رفع، والهاء في محل نصب خبر.

الخلف: مبتدأ.

انتمى: الجملة خبر الخلف.

يقول: (كذاك خلتنيه): كذاك: الجار والمجرور خبر مقدم.

وخلتنيه: مبتدأ مؤخر، وهي جملة مكونة من فعل وفاعل ومفعوليه؛ لكن المراد اللفظ ولهذا قال المعربون للألفية: إن مقول القول في قول ابن مالك (قال محمد هو ابن مالك) كل الألفية كما تقدم.

واتصالا: مفعول به مقدم لـ (أختار).

ورجح الاتصال لأنه الأصل ولأنه أخصر، فاختياره وجيه، لكنه قال: (غيري اختار الانفصالا).

وغيره هم كل الناس، لكن هذا عموم يقصد به الخصوص، قالوا: إنه يريد سيبويه، ويجوز أن يراد بالعام فرد من أفراده، وفي القرآن: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عمران:١٧٣]، والمقصود بالناس أبو سفيان بن حرب فعلى رأي ابن مالك تقول: المجتهد كنته.

وعلى رأي سيبويه تقول: المجتهد كنت إياه.

وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام لما استأذنه عمر في قتل ابن صياد قال: (إن يكنه فلن تسلط عليه، وإلا يكنه فلا خير لك في قتله)، وابن مالك تابع لهذا الحديث.