للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[زيادة أل في ضرورة الشعر]

ثم قال: (ولاضطرار) أي: تزاد لاضطرار، والاضطرار هو اضطرار الشعر؛ لأن النظم يضطر الناظم إلى أن يخرج عن القواعد، والحريري في الملحة يقول: وجائز في صنعة الشعر الصلف أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف الشاهد من هذا قوله: (الشعر الصلف) وهو الذي يرغمك على أن تزيد كلمة، أو تحذف كلمة، أو تغير صيغة وما أشبه ذلك.

(كبنات الأوبر) بنات الأوبر أصلها بنات أوبر، وهي اسم لنوع من الكمأة.

والكمأة هي التي يسميها العامة عندنا الفقع، وسميت فقعاً لأنها تفقع الأرض، وهي نبات معروف يخرج في أيام الأمطار الكثيرة، وهو ثلاثة أقسام: أردؤها بنات أوبر.

ولهذا يقول الشاعر: ولقد جنيتك أكمؤاً وعساقلاً ولقد نهيتك عن بنات الأوبر لأن بنات الأوبر طعمها رديء، وترابها كثير، وهي أيضاً صغيرة، فهي لا تجمع لأنها تتعب الإنسان، وفائدتها قليلة.

فالشاهد قوله: (بنات الأوبر) حيث زيدت أل لزوماً لضرورة الشعر، وهي بدون ضرورة: بنات أوبر.

ولو أراد إنسان الآن أن يزيدها لقلنا: لا؛ لأنك لست بعربي، وهي ليست لغة حتى نقول: لك أن تختار ما شئت من لغات العرب، إنما هي للضرورة، والضرورة تتقدر بقدرها.

قوله: (كذا وطبت النفس يا قيس السري) يشير إلى بيت يقول فيه الشاعر: رأيتك لما أن عرفت وجوهنا صددت وطبت النفس يا قيس عن عمرو (النفس) هنا تمييز محول عن الفاعل، وأصله: وطابت نفسك، والتمييز عند جمهور النحويين لا بد أن يكون نكرة، ولا يجوز أن يكون معرفة.

فإذا أورد عليهم هذا البيت قالوا: هذه ضرورة، فأل زائدة؛ لأنها دخلت على كلمة يجب أن تكون نكرة.

والغرض من هذا البيت الذم.

لكن هل يقال: إن هؤلاء يطلبون العتب منه كأنهم يقولون: ما الذي فعلنا حتى تصد عنا، وأنه رجل إذا صد عن أحد فله قيمته.

الذي يظهر -والله أعلم- أن ابن مالك فهم هذا؛ ولهذا قال: يا قيس السري، والسري: الشريف كما قال ابن مالك في باب المبتدأ: (كهم سراة شعراء) أي: شرفاء.

إذاً علامة كونها زائدة اضطراراً نقول: إذا دخلت على ما يجب أن يكون خالياً منها في الشعر فهي زائدة للضرورة.

فيشترط في التمييز أن يكون نكرة، فإن جيء به معرفة؛ قلنا: هذا خطأ إذا كان اختياراً.

إما إذا كان للضرورة؛ فالضرورة تبيح المحظور.