للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[معاني أل]

انتهى المحلى بأل، لكن المؤلف رحمه الله لم يبين لنا أل المعرفة من حيث المعنى، وهو مهم، فنقول: إن أل جنسية وعهدية.

والجنسية: إما أن تكون لبيان حقيقة الجنس، أو لبيان استغراق الجنس.

والعهدية إما ذكرية أو ذهنية أو حضورية.

فالأقسام خمسة: اثنان للجنسية، وثلاثة للعهدية.

أولاً: التي للجنس: هي التي يقصد بها بيان حقيقة الجنس، مثل: الرجل خير من المرأة، يعني: جنس الرجال خير من النساء، وكذلك (الرجال قوامون) يعني: جنس الرجال قوامون على النساء.

ومثل أن تقول: الإنسان مكون من لحم وعظم ودم وعصب وما أشبه ذلك، يعني: حقيقة الإنسان.

وقد تكون لاستغراق الجنس، وعلامتها أن يحل محلها كل، مثل قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر:١ - ٢]، أي: إن كل إنسان.

ومثل قوله تعالى: {وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} [النساء:٢٨]، أي: خلق كل إنسان.

والتي للعهد الذهني: وهو ما كان معهوداً بين الناس بأذهانهم، مثل: (قال النبي صلى الله عليه وسلم) فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتقول: قضى القاضي بكذا وكذا، فالقاضي معلوم، لأن أل للعهد الذهني.

وتكون للعهد الذكري وهي: التي تعود إلى شيء سابق، مثل قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:١٥ - ١٦].

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:٥ - ٦]، فأل في العسر الثاني للعهد الذكري؛ ولهذا كان العسر الثاني هو العسر الأول، وصار المذكور في الآية عسراً واحداً ويسرين.

الثالث العهد الحضوري: ويكون ذلك في كل محلى بأل يأتي بعد اسم الإشارة، مثاله: ذاك الرجل، ذلك الكتاب؛ وإنما قلنا: إنه عهد حضوري لأن الإشارة تكون إلى شيء حاضر.

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:٣]، اليوم يعني: هذا اليوم الحاضر، وتقول: قدم فلان اليوم، أي: اليوم الحاضر.

وابن مالك رحمه الله لم يتكلم على هذه المعاني، ولكن غيره تكلم عليها، وفيها فائدة، فالتي لبيان الحقيقة لا تقتضي الشمول، فإذا قلنا: الرجل خير من المرأة، لا يستلزم أن كل واحد من الرجال خير من المرأة، والرجال قوامون، لا يقتضي أن كل واحد من الرجال قوام على كل امرأة من النساء.

أما التي للاستغراق فهي تفيد أن هذا الحكم ثابت لجميع أفراد مدخول أل، فقوله تعالى: {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء:٣٧]، أي: خلق كل إنسان.