للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعدد الأخبار]

ثم قال: [وأخبروا باثنين أو بأكثر عن واحد كهم سراة شعرا] (أخبروا) الضمير يعود على العرب.

(كهم سراة شعرا) (هم) مبتدأ، (سراة) خبر، (شعرا) خبر ثان، والسراة هم الشرفاء.

يعني: أن العرب أخبروا بخبرين فأكثر عن مبتدأ واحد.

وجواز تعدد الخبر هو القياس، كما يجوز تعدد الصفة، فيقال: أتاني زيد العالم الغني الكريم، والخبر وصف للمبتدأ في الواقع، فإذا جاز تعدد الصفة جاز تعدد الخبر.

ولكن: هل يجوز الفصل بين الخبرين بواو العطف، فأقول: هم سراة وشعراء؟

و

الجواب

نعم يجوز كما يجوز فصل الصفتين بالعطف {سبح اسم ربك الأعلى * الذي خلق فسوى * والذي قدر فهدى * والذي أخرج المرعى} [الأعلى:١ - ٤]، فكما يجوز تعدد الصفات في العطف يجوز تعدد الخبر في العطف.

ولكن يجب أن نعلم أن المسألة هنا على ثلاثة أوجه: الوجه الأول: منع العطف.

والوجه الثاني: وجوب العطف.

والوجه الثالث: جواز العطف.

فإذا كان الخبران بمعنى خبر واحد فإنه لا يجوز العطف؛ لأنك إذا عطفت جعلت كل خبر مستقلاً عن الخبر الآخر مع أن اجتماعهما عبارة عن صفة واحدة، مثاله: (برتقالي حلو حامض)؛ فيه خبران هما: حلو حامض، فهنا لا يجوز أن أقول: حلو وحامض؛ لأني لو قلت ذلك لفسد المعنى؛ وهو أن طعمه مركب من حلو وحامض.

فإذا قلت: برتقالي حلو وحامض، معناه: أن عندي نوعين من البرتقال: نوعاً حلواً، وآخر حامضاً.

أما إذا كان كل واحد من الخبرين لشخص آخر؛ فإنه يجب العطف، مثاله: بنوك شاعر ومهندس ونحوي وفقيه، فالأبناء أربعة: الأول: شاعر، والثاني: مهندس، والثالث: نحوي، والرابع: فقيه.

فلو تركنا العطف لصارت هذه الأخبار لكل واحد منهم، فكل واحد شاعر ومهندس ونحوي وفقيه؛ لكن الأمر ليس كذلك كما بينا.

إذاً لابد أن نأتي بالعطف؛ لأن العطف يقتضي المغايرة فإذا حذف صار متحداً.

والخلاصة أن تعدد الخبر جائز، لكن هل يجوز فصل هذا المتعدد بالعطف؟ نقول: هذا على ثلاثة أقسام: قسم لا يجوز، وقسم يجب، وقسم يجوز: إن شئت فاعطف، وإن شئت فلا تعطف، ففي قولنا: ابني شاعر كاتب فقيه سلفي، يجوز أن أعطف بالواو، ويجوز أن أبقي كل خبر منفرد، فأقول: (شاعر) خبر المبتدأ (كاتب) خبر ثان، (نحوي) خبر ثالث، (فقيه سلفي) خبر رابع وخامس.

وفي قول الله تعالى: {وهو الغفور الودود * ذو العرش المجيد} [البروج:١٤ - ١٥]، لا يجوز أن نجعل الودود صفة للغفور؛ لأنها لا تعود على الغفور، إنما تعود على الموصوف الذي هو الله عز وجل، أي: على الضمير.

وتفصيل الأقسام كما يلي: القسم الأول: يجب حذف حرف العطف، وهو ما إذا كان الخبران بمعنى خبر واحد كقول القائل: برتقالي حلو حامض.

القسم الثاني: هو وجوب ذكر حرف العطف، وهو إذا كان كل خبر مختصاً بشخص معين كقولك: ابناي فقيه ومحدث.

القسم الثالث: جواز ذكر حرف العطف وحذفه، وهو إذا كان المبتدأ واحداً، ووصف بأوصاف متعددة كقول القائل مثلاً: (ابني فقيه ومحدث وشاعر).