للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما ينوب عن المصدر]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقد ينوب عنه ما عليه دل كجد كل الجد وافرح الجذل] قوله: (وقد ينوب عنه) أي: عن المصدر، وكلمة (قد) للتحقيق.

إذاً: قد ينوب عن المصدر ما دل عليه، مثل: جد كل الجد، أي: اجتهد كلّ الاجتهاد، كل: مفعول مطلق، والجد هو المصدر، لكن (كل) دلت عليه، فعلى هذا إذا أردنا أن نعرب نقول: جد: فعل أمر، وفاعله مستتر فيه وجوباً تقديره أنت.

كل: مفعول مطلق -ولا نقول: مصدر؛ لأن المصدر هو الجد- فكل مفعول مطلق منصوب على المفعولية المطلقة، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة في آخره، وكل مضاف والجد مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره.

قال الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ} [الحاقة:٤٤]، (بعض) هنا يصلح أن تكون مفعولاً مطلقاً وأن تكون مفعولاً به؛ لأن الفعل واقع عليها، فإذا قلت: أكرمه بعض الإكرام، فإنها مفعول مطلق؛ لأنها أضيفت إلى المصدر.

وكذلك: تجلده أشد الجلد، أيضاً مفعول مطلق.

إذاً: كل ما كان منصوباً مضافاً إلى مصدر الفعل فهو مفعول مطلق.

قال: (وافرح الجذل) افرح: فعل أمر مبني على السكون، وفاعله مستتر وجوباً تقديره أنت.

الجذل: مصدر، لكنه ليس من لفظ الفعل، بل هو من معناه؛ لأن الجذل هو الفرح، ولو قال: افرح الفرح، لصار مصدراً، لكنه قال: افرح الجذل، فالجذل إذاً مصدر من معنى الفعل وليس من لفظه، فنعربها بأنها: مفعول مطلق، ولا نقول إنها مصدر.

ومثله أيضاً: قم وقوفاً، قم: فعل أمر، وقوفاً: مفعول مطلق، ولا نقول: مصدر؛ لأن (وقوفاً) ليست مصدراً لقم من لفظه، لكن هذا مصدر له من معناه.

ومثله: اجلس قعوداً، تقول: اجلس: فعل أمر، قعوداً: مفعول مطلق منصوب بالفتحة الظاهرة في آخره.

إذاً: القاعدة: أن ما أضيف إلى المصدر فهو نائب عنه، ويسمى مفعولاً مطلقاً، وما جاء بمعنى الفعل لا بلفظه فهو نائب عن المصدر، ويعرب بأنه مفعول مطلق.