للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مجيء الباء للاستعانة والإلصاق]

قال المؤلف: [بالبا استعن وعد عوض ألصق ومثل مع ومن وعن بها انطق] أي: أن الباء تأتي للاستعانة.

والاستعانة طلب العون، فمعنى الاستعانة: أن الباء تدخل على ما تطلب الإعانة منه مثل: أستعين بالله.

فالباء للاستعانة، أي: أنه سبحانه وتعالى يطلب العون منه.

قوله: (وعدِّ) يعني: أنه يعدى بها الفعل اللازم، مثال ذلك قوله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة:١٧]، أصل (ذهب) فعل لازم، يقال: ذهب الرجل، فإذا أردنا أن تتعدى إلى مفعول فإما أن ندخل عليها الهمزة أو نأتي بالباء، ولذا قال تعالى: {ذََهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة:١٧]، ويصح في غير القرآن أن يقال: أذهب الله نورهم.

قوله: (عوض) معناها: أن الباء تأتي للتعويض؛ بأن يكون مدخولها عوضاً عن غيره، وهذا كثير جداً، فالباء التي تدخل في البيع والشراء تكون للتعويض، تقول: اشتريت كتاباً بدرهم، الباء للتعويض، وهل مدخولها هو العوض، أو ما سبقها هو العوض؟ الحقيقة أن كل واحد منهما عوض عن الثاني، لكنها دائماً تدخل على الثمن، ولهذا قال الفقهاء: يتميز الثمن عن المثمن بالباء، فما دخلت عليه الباء فهو الثمن، فإذا قلت: بعت الثوب بدرهم، فالثمن هو الدرهم.

وإذا قلت: بعت الدرهم بثوب.

فالثمن الثوب.

وقول المؤلف: (ألصق).

الإلصاق هو مباشرة الشيء بشيء، وقد يراد بالإلصاق مجاورة الشيء للشيء.

مثال الإلصاق المباشر: مسحت رأسي بيدي، أمسكت ثوبي بيدي، امسحوا برءوسكم.

ومثال غير المباشر: مررت بزيد.

وقد زعم بعض النحويين أن جميع معانيها تعود إلى الإلصاق، ولكن لو سلكنا هذا المسلك لوجدنا أنها لا تكون للإلصاق في بعض المواضع إلا بتكلف شديد، ولا حاجة إلى هذا التكلف، فالأولى أن نقول كما قال ابن مالك: إن الإلصاق من بعض معانيها.