للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم قبل وبعد وحسب وأول في الإضافة]

قال المؤلف: [قبل كغير بعد حسب أول ودون والجهات أيضاً وعلُ وأعربوا نصباً إذا ما نكرا قبلاً وما من بعده قد ذكرا] قوله: (كغيرُ) بالضم على الحكاية، ويجوز: (قبلُ كغيرٍ) على اللفظ.

ومعنى ذلك: أن كلمة (قبل) إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه تبنى على الضم؛ قال الله تعالى: {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم:٤]، فمن: حرف جر، وقبل: اسم مبني على الضم في محل جر؛ وإنما بنيناه على الضم لأننا حذفنا المضاف إليه ونوينا معناه.

وإذا أردنا أن نقدر المضاف إليه فهو: لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلِ غلبهم ومن بعد غلبهم، لأن أول الآية: {غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ} [الروم:٣ - ٤] أي: من قبلِ غلبهم ومن بعدِ غلبهم، لكن حذف المضاف إليه ونوي معناه، بنيا على الضم.

فكلمة غير وكلمة قبل وما ذكر بعدها في البيت السابق لها أربع حالات، هذه واحدة منها.

والحالة الثانية: أن يحذف المضاف إليه وينوي لفظه، فإنها تعرب بدون تنوين، فتقول مثلاً: جئتك من قبلِ، يعني: من قبل الموعد مثلاً.

الحالة الثالثة: أن يذكر اللفظ، فتعرب أيضاً بدون تنوين، فتقول: جئتكَ من قبلِ الموعد، وأعربنا بدون تنوين لأنه مضاف، والمضاف لا ينون كما قيل: كأني تنوين وأنت إضافة فأين تراني لا تحل مكاني الحال الرابعة: أن يحذف المضاف إليه ولا ينوى لفظه ولا معناه، فحينئذٍ تعرب منونة، كما قال الشاعر: فساغ لي الشراب وكنت قبلاً أكاد أغص بالماء الزلال فقبلاً: خبر كان منصوب، وأتى منوناً لأنه لم ينو الإضافة لا لفظاً ولا معنى فكان منصوباً.

تبين بهذا أن (قبل وغير) لهما أربع حالات: الحالة الأولى: أن يوجد المضاف إليه فيعربان بدون تنوين.

الحال الثانية: أن يحذف وينوى لفظه، فيعربان بدون تنوين أيضاً.

الحالة الثالثة: أن يحذف المضاف إليه وينوى معناه، وفي هذه الحالة يبنيان على الضم.

الحال الرابعة: أن يحذف المضاف ولا ينوى لفظه ولا معناه، فيعربان منونين.

وقبلُ وبعدُ كغير، وقوله: (حسبُ) يعني: حسبُ كغير، فتقول مثلاً: عندي لك درهم فحسب، فتبنى على الضم، و (الفاء) يقولون: إنها هنا زائدة لتزيين اللفظ.

وتقول: مررت برجل حسبك من رجل، فهي هنا معربه، لأنه ذكر المضاف إليه.

وتقول: مررت بزيد حسبك من رجل، فهي هنا معربة لوجود المضاف إليه.

لكن الفرق بين قولك: مررت برجل حسبك من رجل؛ أن حسبك صفة.

وفي: مررت بزيد حسبك من رجل، حال؛ لأن (حسب) لا تتعرف بالإضافة، فإن وقعت بعد نكرة فهي صفة، وإن وقعت بعد معرفة فهي حال.

مثالها بعد النكرة: مررت برجل حسبك من رجل.

ومثالها بعد المعرفة: مررت بزيد حسبك من رجل.

قال: (أول) أول تطلق بمعنى: الأول في الزمن، وتطلق بمعنى: الأول في السبق ليس في الزمن.

فمثلاً قوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح: (وأنا أول المسلمين)، معناه: أسبقهم رتبة وفضلاً، يعني: أنا أول من يستسلم رتبة وتنفيذاً لأمر الله، وليس زمناً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو خاتم الرسل.

و (أول) حكمها حكم قبل وبعد، لها أربع حالات: إما أن يحذف المضاف إليه وينوى لفظه، أو يحذف وينوى معناه، أو يذكر، أو لا يذكر ولا ينوى لا لفظه ولا معناه، يعني: لا يذكر لفظاً ولا تقديراً.

فإن حذف المضاف إليه ونوي معناه فهي مبنية على الضم، وإن لم ينو معناه ولا لفظه فهي معربة.

تقول: دخلوا أولاً فأولاً.

فهنا لا نوي معنى المضاف إليه، ولا نوي لفظه؛ ولهذا أعربت بالفتح، وموقعها من الإعراب حال.

وإذا قلت: ادخلوا الأول فالأول، تكون حالاً، وتكون معربة ولا يمكن أن تضاف؛ لأن فيها أل، فهي مجردة من الإضافة.